مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٤٠٧
عليه الصلاة والسلام أصلاتان معا يمنع من صلاة العشاء الأخيرة في المسجد لمن فاتته مع الامام والناس في صلاة الأشفاع، لأن النهي في ذلك إنما ورد عن الاشتغال بنافلة عن فريضة تقام في الجماعة والمساجد إنما بنيت للفرائض لا للنوافل، فالذي تفوته صلاة العشاء أحق بإقامتها في المسجد من المصلين فيه جماعة نافلة، الأشفاع كانت أو غيرها. وعلى ما قلت جماعة من الفقهاء لا أعلمهم يختلفون في ذلك انتهى. وقال البرزلي في مسائل الصلاة. سئل ابن رشد عمن يصلي الصبح حالة كون الامام يصلي الظهر ويلحقه في الظهر وكله بالمسجد وهل يجوز ذلك؟ جوابه لا ينبغي أن يصلي الصبح والامام في غيره لا في المسجد ولا في أفنيته التي تصلى فيها لجمعة.
قلت: لقوله عليه الصلاة والسلام أصلاتان معا إنكار لذلك، وأما صلاة الفرض في المسجد وهو يصلي التراويح ففي العتبية جوازه، وأما صلاة الوتر ونحوه وهو يصلي التراويح فحكى الزناتي في شرحه للتهذيب قولين عن المتأخرين، أصحهما المنع لقرب الدرجة في المندوبات. انتهى. فقول ابن رشد لا ينبغي لعله يريد المنع وإلا فليتأمل والله أعلم. وقال البرزلي بعد ذلك: سئل ابن أبي زيد عن قوم صلوا في مسجد بإمامين، قوم في داخله وقوم على ظهره أو صحنه. فقال: صلاتهم تامة ولا يعيدون.
قلت: إن لم يكن لهم إمام راتب فيجوز كيفما فعل، وإن كان له إمام راتب فاختلط معه في وقت الصلاة من صلى لنفسه إما منفردا أو جماعة فالصلاة صحيحة، ولا ينبغي ذلك وتقدم ما لابن رشد في ذلك من نحو هذا. انتهى. وقال القباب في شرح أول القاعدة الثانية وهي أول الصلاة في كلامه على اللوات الممنوعة: فإذا كان الامام في فرض فلا يجوز للشخص أن يصلي تلك الصلاة فذا ولا في جماعة، ولا أن يصلي فريضة غيرها. قال القاضي عياض: فإن فعل أساء وتجزئه. قاله فيمن يصلي فذا ما يصلي الامام جماعة. انتهى. وما ذكره عن القاضي عياض لم أره بل ظاهر كلامه في القواعد خلافه لأنه عد من مفسدات الصلاة إقامة الامام على المصلي صلاة أخرى فتأمله. وفي الآبي شرح مسلم في قوله (ص) إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ما نصه. قلت: الظاهر أنه نفي الكمال لا الاجزاء بدليل أنه لم يأمر المصلي بالإعادة.
انتهى بالمعنى. وصرح في التوضيح في فصل الاستخلاف بالاجزاء ونقله عن الباجي ذكره في قوله: وكذا لو أتم بعضهم وحدانا ونصه بعد قوله. وحدانا بمنزلة جماعة وجدوا جماعة يصلون في المسجد بإمام فقدموا رجلا منهم وصلوا. قال الباجي: قالوا: ولو هم قدموا رجلا إلا واحدا منهم صلى فذا فقد أساء وتجزيه صلاته بمنزلة رجل وجد جماعة تصلي بإمام فصلى وحده فذا.
انتهى والله أعلم. وتقدم معناه في كلام البرزلي الذي نقله عن ابن أبي زيد.
(٤٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 ... » »»
الفهرست