مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٣٩٦
الجملة، سنة في كل مسجد، فضيلة للرجل في خاصته. وصرح كثير من أهل المذهب بأنه إذا تمالا أهل بلد على تركها قوتلوا فأخذ بعضهم من ذلك أنها فرض كفاية. وقال بعضهم: إنما يقاتلون لتهاونهم بالسنن. وقال أحمد وأبو ثور وعطاء وداود: إنها فرض عين على كل مكلف من الرجال القادرين عليها كالجمعة وأنها لا تجزئ الفذ الصلاة إلا بعد صلاة الناس وبعد أن لا يجد قبل خروج الوقت من يصلي معه. قال المازري: ولم يقل أحد ممن قال بالوجوب إنها شرط في صحة الصلاة إلا بعد أهل الظاهر. وانظر شرح قواعد القاضي عياض وشرح مسلم للنووي. وقوله بفرض احترز به من النوافل والسنن. كذا قال الشارح وهو مقتضى لفظه. أما إخراج النوافل فظاهر لأن الجماعة لا تطلب فيها إلا في قيام رمضان على جهة الاستحباب، وأما السنن فغير ظاهر لأن الجماعة في العيدين وكسوف الشمس والاستسقاء سنة كما سيأتي فتأمله والله أعلم. وقوله غير جمعة استثناء للجمعة من الفرائض لأنها أي الجماعة شرط في صحتها كما سيأتي بيانه. والذي يفهم في الجمعة أنها غير سنة فقط.
فائدة: قال ابن عزم في شرح الرسالة قال عياض في ترتيب المسالك: صلاة الجماعة سنة مؤكدة يلزم إقامتها أهل الأمصار والقرى المجتمعة، وأركانها أربعة: مسجد مختص بالصلاة، وإمام يؤم فيها، ومؤذن يدعو إليها وجماعة يجمعونها. أما المسجد فيبنى من بيت المال. فإن تعذر ذلك فعلى الجماعة بناؤه من أموالهم ويجبرون على ذلك لأن في ذلك إحياء السنن الظاهرة فلا رخصة في تركها. وإن وجد متبرع بالإمامة والاذان وإلا فعليها استئجارهما.
وقيل: ذلك في بيت المال كبناء المسجد. وأما الجماعة فإن امتنعوا من الاجتماع أجبروا على إحضار عدد يسقط به الطلب وذلك ثلاثة ولا يكتفى باثنين هنا وإن كان أقل الجمع إذ لا يقع بهما شهرة، فإن كانت القرية من القرار وكثرة العدد بحيث يخاطبون بالجمعة تأكد الامر لكونها واجبة وحضورها واجب، ويطلب منهم عدد تقوم به الجمعة والمسجد والامام والمؤذن على ما تقدم انتهى. وقال صاحب المدخل: والإمامة فرض كفاية. ثم قال: وينبغي له أن لا يسارع إليها ولا يتركها رغبة عنها وقد ورد أن جماعة ترادوا الإمامة بينهم فخسف بهم انتهى. فرع: قال البرزلي: مسألة مسافرون صلوا الصبح جماعة وارتحلوا فلم ينزلوا إلا بعد العشاء الأخيرة ولم يصلوا، فإنهم يجمعون ما تركوا من الصلوات ولو كانت كبيرة لاتحادها عليهم فتطلب منهم الجماعة كما لو كانت حاضرة انتهى. وصرح بذل في رسم شك من سماع عيسى والله تعالى أعلم. ص: (ولا تتفاضل) ش: قال القرافي: لا نزاع أن الصلاة مع
(٣٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 ... » »»
الفهرست