الصورة الثالثة: أن لا يعلم كم المدة المتخللة، فعليها التربص كما ذكرناه في الصورة الثانية، أخذا بالأحوط، ولا نورثها من الزوج إذا شككنا في أسبقهما موتا، فإن ادعت علم الورثة أنها كانت حرة يوم موت الزوج، فعليهم الحلف على نفي العلم.
فصل متى قالت المستبرأة: حضت، صدقت بلا يمين.
ولو امتنعت على السيد فقال: قد أخبرتني بانقضاء الاستبراء، صدق السيد على الأصح، لأن الاستبراء مفوض إلى أمانة السيد، ولهذا لا يحال بينه وبينها، بخلاف المعتدة من وطئ بشبهة، فإنه يحال بين الزوج وبينها. وهل لها تحليف السيد؟ وجهان. حقيقتهما: أنه هل للأمة المخاصمة؟ ويقرب منه ما إذا ورث جارية فادعت أن مورثها وطئها، وأنها حرمت عليه بوطئه، فلا يلزمه تصديقها.
وطريق الورع لا يخفى. وهل لها تحليفه؟ فيه هذان الوجهان.
قلت: الأصح أن لها التحليف في الصورتين، وعليها الامتناع من التمكين إذا تحققت بقاء شئ من زمن الاستبراء وإن أبحناها له في الظاهر. والله أعلم.
فصل وطئ السيد أمته في عدتها عن وفاة زوج، ثم مات السيد، فعليها إكمال عدة الوفاة، ثم تتربص بحيضة لموت السيد. فلو مرت بها حيضة في بقية عدة الوفاة، لم يعتد بها، لأنهما واجبان لشخصين، فلا يتداخلان. ولو لم يمت السيد، لكن أراد تزويجها، فكذلك تكمل عدة الوفاة، ثم تتربص بحيضة، ثم يتزوجها، ولو أراد أن يطأها بعد عدة الوفاة، فالصحيح جوازه، ولا حاجة إلى الاستبراء، ولو كانت في عدة طلاق، فوطئها السيد، ثم مات، أكملت عدة الطلاق، ثم تربصت بحيضة لموت السيد، ولا تحسب المدة من وقت وطئ السيد إلى موته إن كان يستفرشها، كما لو نكحت في العدة وكان الزوج الثاني يستفرشها جاهلا، هذا كله إذا وطئها ولم يظهر بها حمل. أما إذا وطئها السيد في عدة الوفاة ومات، فظهر بها حمل وولدت لزمن يمكن أن يكون من الزوج، وأن يكون من السيد، عرض على القائف، فإن ألحقه بالزوج، انقضت عدتها بالوضع، وعليها حيضة بعد طهرها من النفاس، وإن ألحقه بالسيد، حصل الاستبراء بوضعه، وعليها بعد إتمام عدة الوفاة. فإن لم يكن قائف، فعليها إتمام بقية العدة بعد الوضع على