الاحصان: العقل، والبلوغ، والحرية، والاسلام، والعفة عن الزنا. فلو قذف مجنونا أو صبيا أو عبدا أو كافرا، لم يحد لكن يعزر للايذاء.
وتبطل العفة بكل وطئ يوجب الحد، ومنه ما إذا وطئ جارية زوجته، أو جارية أحد أبويه، أو نكح محرما له، أو وطئ المرتهن المرهونة عالما بالتحريم، وكذا لو أولج في دبر، ثم نقل البغوي، أنه تبطل حصانة الفاعل دون المفعول به، لأن الاحصان لا يحصل بالتمكين في الدبر، فكذا لا تبطل به الحصانة، ورأي هو أن تبطل حصانتهما جميعا، لوجوب الحد عليهما.
قلت: إبطال حصانتهما، هو الراجح، وأي عفة وحرمة لمن مكن من دبره مختارا عالما بالتحريم. والله أعلم.
وأما الوطئ الذي لا حد فيه، فللأصحاب في ترتيب صوره وضبطه طرق أشهرها: أنه ينظر، أجرى ذلك في ملك نكاح، أو يمين، أم في غير ملك؟
القسم الأول: المملوك، وهو ضربان. أحدهما: محرم حرمة مؤبدة، كمن وطئ مملوكته التي هي أخته، أو عمته برضاع أو نسب عالما بالتحريم. فإن قلنا:
يوجب الحد، بطلت حصانته، وإلا فتبطل أيضا على الأصح، لدلالته على عدم عفته، بل هذا أفحش من الزنا بأجنبية، ولو وطئ زوجته في دبرها، بطلت حصانته على الأصح.
الضرب الثاني: ما يحرم غير مؤبد، وهو نوعان. أحدهما: ما له حظ من الدوام، كوطئ زوجته المعتدة عن شبهة غيره وأمته المعتدة أو المزوجة، أو المرتدة، أو المجوسية، وأمته في مدة الاستبراء، فلا تبطل حصانتها على الأصح، لقيام الملك وعدم تأبد الحرمة، وعدم دلالته الظاهرة على قلة المبالاة بالزنا.
النوع الثاني: ما حرم لعارض سريع الزوال، كوطئ زوجته وأمته في الحيض، أو النفاس، أو الاحرام، أو الاعتكاف، أو المظاهر منها قبل التكفير، فلا تبطل الحصانة على المذهب. وقيل: على الوجهين.
القسم الثاني: الوطئ الجاري في غير ملك، كوطئ الشبهة، وجارية الابن.