واختار صاحب الحاوي طريقة حسنة فقال: إن كان زمن الجنون أكثر، لم يجزئه، وإن كانت الإفاقة أكثر، فإن كان يقدر على العمل في الحال، أجزأ، وإن كان لا يقدر على العمل إلا بعد حين، لم يجزئ. قال: ويجزئ المغمى عليه، لأن زواله مرجو. والله أعلم.
ولا يجزئ مريض لا يرجى زوال مرضه، كصاحب السل، فإن رجي، أجزأ، فلو أعتق من لا يرجى، فزال مرضه، أو من يرجى فمات ولم يزل، أجزأه على الأصح فيهما، ولو أعتق من وجب عليه قتل، قال القفال: إن أعتقه قبل أن يقدم للقتل، أجزأه، وإلا فلا، كمريض لا يرجى، ولا يجزئ مقطوع إحدى الرجلين، ولا مقطوع أنملة من إبهام اليد، ويجزئ مقطوع أنملة من غيرها، حتى لو قطع أنامله العليا من أصابعه الأربع، أجزأه، ولا يجزئ مقطوع أنملتين من السبابة، أو الوسطى، ويجزئ مقطوع جميع الخنصر من يد، والبنصر من اليد الأخرى، ولا يجزئ مقطوعهما من يد واحدة، ويجزئ مقطوع جميع أصابع الرجلين على الصحيح. وقال ابن أبي هريرة: هو كقطع أصابع اليدين، والأشل كالأقطع.
قلت: الذي قاله الرافعي في أصابع الرجلين، هو المعروف في طريقة الخراسانيين، وخالفهم صاحب الحاوي، فجزم بأنه إذا قطع إصبعان من رجل واحدة، أو الابهام وحدها من رجل، لم يجزئ، وإلا فيجزئ. والله أعلم.
فرع يجزئ نضو الخلق الذي يقدر على العمل، والأحمق، وهو من يضع الشئ في غير موضعه مع علمه بقبحه، ويجزئ الشيخ الكبير، إلا أن يعجز عن العمل والكسب. وفي التجربة للروياني، أن الأصحاب قالوا: يجزئ الشيخ الكبير، ومنعه القفال إذا عجز عن العمل، وهو الأصح، وفي هذا إثبات خلاف في الشيخ العاجز، ويجزئ الأعرج، إلا أن يكون العرج شديدا يمنع متابعة