القسم الثاني: إذا نكحت زوجا بعد العدة، فجاء الأول وادعى الرجعة في العدة، فإن أقام بينة، فهي زوجته، سواء دخل بها الثاني أم لا، فإن دخل، فلها عليه مهر المثل، وإن لم تكن بينة، وأراد تحليفها، سمعت دعواه على الصحيح، فلو ادعى على الزوج، ففي سماع دعواه وجهان، أصحهما عند الامام: لا، لان الزوجة ليست في يده. والثاني: نعم، لأنها في حبالته وفراشه، وبهذا قطع المحاملي وغيره من العراقيين. فإذا ادعى عليها، فإن أقرت بالرجعة، لم يقبل إقرارها على الثاني، بخلاف ما لو ادعى على امرأة في حبال رجل أنها زوجته، فقالت: كنت زوجتك فطلقتني، فإنه يكون إقرارا له، وتجعل زوجة له، والقول قوله في أنه لم يطلقها، لأن هناك لم يحصل الاتفاق على الطلاق، وهنا حصل، والأصل عدم الرجعة، وتغرم المرأة للأول مهر مثلها، لأنها فوتت البضع عليه بالنكاح الثاني. وقال أبو إسحاق: لا غرم عليها، كما لو قتلت نفسها أو ارتدت، وإن أنكرت، فهل تحلف؟ فيه خلاف مبني على أنها لو أقرت هل تغرم؟ إن قلنا:
لا، فإقرارها بالرجعة غير مقبول ولا مؤثر في الغرم، فلا تحلف، والأصح التحليف، فإن حلفت، سقطت دعواه، وإن نكلت، حلف وغرمها مهر المثل، ولا يحكم ببطلان نكاح الثاني وإن جعلنا اليمين المردودة كالبينة على قول، لأنها لا تكون كالبينة في حق المتداعيين. وحكى الامام وجها أنه يحكم ببطلان نكاح الثاني إذا قلنا: كالبينة، وإذا قبلنا الدعوى على الزوج الثاني، نظر، إن بدأ بالدعوى على الزوجة، فالحكم كما سبق، لكن إذا انقضت خصومتهما، بقيت دعواه على الثاني، وإن بدأ بالدعوى على الثاني، فإن أنكر، صدق بيمينه، وإن نكل، ردت اليمين على المدعي، فإن حلف، حكم بارتفاع نكاح الثاني، ولا تصير المرأة