كان المعلق برؤيته أعمى، لم يقبل التفسير بالمعاينة في الظاهر على الأصح.
وحكى الحناطي فيما إذا أطلق ولم ينو شيئا قولين في وقوع الطلاق برؤية الغير، هذا كله فيمن علق برؤية الهلال باللغة العربية، فلو علق بالعجمية، فعن القفال: أنه يحمل على المعاينة، سواء فيه البصير والأعمى، وادعى أن العرف الشرعي في حمل الرؤية على العلم، لم يثبت إلا في العربية، ومنع الامام الفرق بين اللغتين.
وفي التهذيب وجه: أنه يحمل في حق الأعمى على العلم. وإذا أطلق التعليق برؤية الهلال، حمل على أول شهر يستقبله، حتى لو لم ير في الشهر الأول، انحلت اليمين، قاله البغوي، وهو محمول على ما إذا صرح بالمعاينة أو فسر بها وقبلناه. قال البغوي: والرؤية في الليلة الثانية والثالثة، كهي في الأولى، ولا أثر لها بعد الثلاث، لأنه لا يسمى هلالا بعد ثلاث. وفي المهذب: أنه لو لم يره حتى صار قمرا، لم تطلق، وحكى خلافا فيما يصير به قمرا، هل هو باستدارته، أم بأن يبهر ضوؤه؟
قلت: هذا المنقول عن المهذب، مذكور في الحاوي، وفيما تفرع عنه، والمختار ما ذكره البغوي. والله أعلم.
والمعتبر الرؤية بعد غروب الشمس، ولا أثر للرؤية قبله.
فصل قال: إن كلمت زيدا فأنت طالق، فكلمته وهو سكران أو مجنون طلقت، قال ابن الصباغ: يشترط أن يكون السكران بحيث يسمع ويكلم، وإن كلمته وهو نائم أو مغمى عليه، أو هذت بكلامه في نومها وإغمائها لم تطلق. ولو كلمته وهي مجنونة، قال ابن الصباغ: لا تطلق. وعن القاضي حسين، أنها تطلق. والظاهر تخريجه على حنث الناسي وأما كلامها في سكرها، فتطلق به على الأصح، إلا إذا انتهت إلى السكران الطافح. ولو خفضت صوتها بحيث لا يسمع وهو الهمس، لم تطلق وإن وقع في سمعه شئ وفهم المقصود اتفاقا، لأنه لا يقال: كلمته، ولو نادته من مسافة بعيدة لا يسمع منها الصوت، لم تطلق، ولو حملت الريح كلامها ووقع في سمعه، فقد أشار الامام إلى تردد فيه، والمذهب أنها لا تطلق. وإن كانت المسافة بحيث يسمع فيها الصوت، فلم يسمع لذهول أو شغل طلقت، فإن لم يسمع لعارض لغط أو ريح، أو لصمم به، فوجهان، أحدهما: تطلق، وبه أجاب