فرع قال: كل كلمة كلمتيني بها إن لم أقل مثلها، فأنت طالق، فقالت المرأة:
أنت طالق ثلاثا، فطريقه أن يقول: أنت تقولين: أنت طالق ثلاثا، أو تقول: أنت طالق ثلاثا من وثاق، أو أنت طالق إن شاء الله، ولو قالت له: إذا قلت لك: طلقني ما تقول؟ فقال: أقول: طلقتك، لا يقع الطلاق، لأنه إخبار عما يفعل في المستقبل.
فرع في يدها كوز ماء، فقال: إن قلبت هذا الماء، فأنت طالق، وإن تركتيه، فأنت طالق، وإن شربتيه أنت أو غيرك، فأنت طالق، فخلاصها بأن تضع فيه خرقة فتبلها به.
فرع قال لها وهي في ماء جار: إن خرجت منه فأنت طالق، وإن مكثت فيه فأنت طالق. قال الأصحاب: لا تطلق خرجت أم مكثت، لأن ذلك الماء فارقها بجريانه، وفيه وفي نظائره احتمال للامام بسبب العرف، وإن كان الماء راكدا، فالطريق أن يحملها إنسان في الحال.
فرع لا بد من النظر في مثل هذه التعليقات إلى وضع اللسان، وإلى ما يسبق إلى الفهم في العرف الغالب، فإن تطابق العرف والوضع، فذاك، وإن اختلفا، فكلام الأصحاب يميل إلى اعتبار الوضع، والامام والغزالي يريان اتباع العرف، وقد سبق في هذه الفروع أمثلة هذا.
فصل في مسائل تجري في مخاصمة الزوجين ومشاتمتهما وأغلب ما تقع إذا واجهت زوجها بمكروه، فيقول على سبيل المكافأة: إن كنت كذلك فأنت طالق، يريد أن يغيظها بالطلاق كما غاظته بالشتم، فكأنه يقول: تزعمين أني كذا فأنت طالق، فإذا قالت له: يا خسيس فقال: إن كنت كذلك فأنت طالق، نظر، إن أراد المكافأة كما ذكرنا، طلقت، سواء كان خسيسا أو لم يكن، وإن قصد التعليق، لم تطلق إلا بوجود الخسة، قال أبو الحسن العبادي: الخسيس: من باع دينه بدنياه، وأخس الأخساء، من باع آخرته بدنيا غيره، ويشبه أن يقال: الخسيس:
من يتعاطى في العرف ما لا يليق بحاله لشدة بخله، فإن شك في وجود الصفة - ويتصور ذلك كثيرا في مسائل الشتم والإيذاء - فالأصل أن لا طلاق، وإن أطلق اللفظ ولم يقصد المكافأة، ولا حقيقة اللفظ، فهو للتعليق. فإن عم العرف بالمكافأة،