وإن ادعى أحدهما أنه حنث في يمينه، فقال في جوابه: لا أدري، لم يكن إقرارا بالحنث في الآخر، فإن عرضت عليه اليمين فحلف على نفي ما يدعيه، كان مقرا بالحنث في الآخر. وإن كان التعليق لطلاق نسوة، وادعين الحنث ونكل عن اليمين، فحلف بعضهن دون بعض، حكم بطلاق من حلف دون من لم يحلف.
ولو ادعت واحدة، ونكل عن اليمين، فحلفت، حكم بطلاقها، وله أن يحلف إذا ادعت أخرى، ولا يجعل نكوله في واحدة نكولا في غيرها.
وأعلم أن ما سبق من الامر بالبيان أو التعيين، والحبس والتعزير عند الامتناع، قد أشاروا إلى مثله هنا، لكن إذا قلنا: إنه إذا قال: لا أدري، يحلف عليه ويقنع منه بذلك، يكون التضييق إلى أن يبين أو يقول: لا أدري، ويحلف عليه، وهكذا ينبغي أن يكون الحكم في إبهام الطلاق بين الزوجتين.
فرع إذا مات الزوج قبل البيان، ففي قيام الوارث مقامه طريقان، أحدهما: على الخلاف السابق في الطلاق المبهم بين الزوجتين، والثاني: القطع بأنه لا يقوم، للتهمة في إخباره بالحنث في الطلاق ليرق العبد ويسقط إرث الزوجة ، ولأن للقرعة مدخلا في العتق، وسواء ثبت الخلاف أم لا، فالمذهب أنه لا يقوم.
قال السرخسي في الأمالي: هذا الخلاف إذا قال الوارث: حنثت في الزوجة، فإن عكس، قبل قطعا لاضراره بنفسه وهذا حسن.
قلت: قد قاله أيضا غير السرخسي، وهو متعين. والله أعلم.
فإن لم يعتبر قول الوارث، أو قال: لا أعلم، أقرعنا بين العبد والمرأة، فإن خرجت على العبد، عتق ويكون عتقه من الثلث إن كان التعليق في مرض الموت، وترث المرأة إلا إذا كانت قد ادعت الحنث في يمينها وكان الطلاق بائنا. وإن خرجت القرعة على المرأة، لم تطلق، لكن الورع أن تترك الميراث، وهل يرق العبد؟
وجهان: أحدهما: نعم، فيتصرف فيه الوارث كيف شاء. وأصحهما: لا، لان القرعة لم تؤثر فيما خرجت عليه، فغيره كذلك، وعلى هذا، يبقى الابهام كما كان. وقال ابن أبي هريرة: لا نزال نعيد القرعة حتى تخرج على العبد، قال الامام: هذا القول غلط يجب إخراج قائله من أحزاب الفقهاء، وينبغي لقائله أن يقطع بعتق العبد، ويترك تضييع الزمان بالقرعة. فالصواب بقاء الابهام، وإن اعتبرنا