هذه أم غيرها؟ فتلك طالق بكل حال وتوقف الباقيات، فإن قال بعد ذلك: تحققت أن المطلقة الأولى، قبل منه، ولم تطلق غيرها. وإن عين أخرى، حكم بطلاقها، ولم يقبل رجوعه عن الأولى. والوقفة التي جعلناها فاصلة بين اللفظين مع إعمال اللفظين، هي الوقفة اليسيرة، فأما إذا طالت، فقطعت نظم الكلام بأن قال: أردت هذه ثم قال بعد طول المدة: أو هذه وهذه، فهذا الكلام الثاني لغو إذ لا يستقل بالإفادة، هذا كله إذا نوى عند اللفظ المبهم واحدة معينة. أما إذا لم ينو فطولب بالتعيين، فقال مشيرا إلى واحدة: هذه المطلقة، تعينت ولغا ذكر غيرها، سواء عطف غيرها بالفاء وثم، أو بالواو أو ببل، لأن التعيين هنا ليس إخبارا عن سابق، بل هو إنشاء اختيار، وليس له إلا اختيار واحدة، وسواء قلنا: يقع الطلاق بالتعيين أو باللفظ.
المسألة السادسة: لو ادعت التي علق طلاقها بكون الطائر غرابا أنها مطلقة، لزمه أن يحلف جزما على نفي الطلاق، كما لو ادعى نسيان المطلقة. ولو ادعت أنه كان غرابا وأنها طلقت، لزمه أن يحلف على الجزم أنه لم يكن غرابا، ولا يكتفى بقوله: لا أعلم أنه كان غرابا أو نسيت الحال، كذا ذكره الامام، وفرق بينه وبين ما إذا علق طلاقها بدخول الدار ونحوه وأنكر حصوله، فإنه يحلف على نفي العلم بالدخول، لأن الحلف هناك على نفي فعل الغير. وأما نفي الغرابية، فهو نفي صفة في الغير، ونفي الصفة كثبوتها في إمكان الاطلاع عليها. قال الغزالي في البسيط:
في القلب من هذا الفرق شئ، فليتأمل، ويشبه أن يقال: إنما يلزمه الحلف على نفي الغرابية إذا تعرض لها في الجواب.
أما إذا اقتصر على قوله: لست بمطلقة، فينبغي أن يكتفى منه بذلك كنظائره.
الحالة الثانية: إذا طرأ الموت قبل البيان أو التعيين، ففيه صورتان.
إحداهما: أن تموت الزوجتان أو إحداهما، ويبقى الزوج، فتبقى المطالبة بالبيان أو التعيين. وقيل: إذا ماتتا، سقط التعيين، وإن ماتت إحداهما، تعين الطلاق في الأخرى، ونسب هذا إلى الشيخ أبي محمد وهو بعيد، والصواب: الأول، ويوقف له من تركة كل واحدة ميراث زوج، حتى يبين أو يعين، فإذا بين أو عين، لم يرث من المطلقة إن كان الطلاق بائنا، سواء قلنا: يقع الطلاق عند اللفظ أو عند التعيين، ويرث من الأخرى، ثم إن نوى معينة، فبين، وقال ورثة الأخرى: هي التي