الوقعة كما جعله في الأولين لم يجعله إلا بشهود الوقعة فهذا قول متناقض. قال أبو حنيفة في الرجل يقتل الرجل ويأخذ سلبه لا ينبغي للامام أن ينفله إياه لأنه صار من الغنيمة قال الأوزاعي مضت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل علجا فله سلبه وعملت به أئمة المسلمين بعده إلى اليوم وقال أبو يوسف حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال إذا نفل الإمام أصحابه فقال من قتل قتيلا فله سلبه فهو مستقيم جائز وهذا النفل وأما إن لم ينفل الإمام شيئا من هذا فلا ينفل أحد دون أحد والغنيمة كلها بين جميع الجند على ما وقعت عليه المقاسم وهذا أوضح وأبين من أن يشك فيه أحد من أهل العلم (قال الشافعي) القول فيها ما قال الأوزاعي وأقول قوله. أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن كثير بن أفلح عن أبي محمد مولى أبي قتادة عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين (من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وهذا حديث ثابت صحيح لا مخالف له علمته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه دلالة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قاله بعد تقضى الحرب لأنه وجد سلب قتيل أبي قتادة في يدي رجل فأخرجه من يديه وهذا يدل على خلاف قول أبي حنيفة لأن الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل هذا قبل الحرب إنما قاله بعد تقضى الحرب (قال الشافعي) رحمه الله: فالسلب لمن قتل مقبلا في الحرب مبارزا أو غير مبارز قاله الإمام أو لم يقله وهذا حكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكم من سنه.
بعده قد قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بئر معونة وقد قاله من بعده من الأئمة. أخبرنا سفيان بن عيينة عن الأسود بن قيس عن رجل من قومه يسمى بشر بن علقمة قال بادرت رجلا يوم القادسية فبلغ سلبه اثني عشر ألفا فنفلنيه سعد وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى في الرجل يأخذ العلف فيفضل معه شئ بعدما يخرج إلى بلاد الاسلام فإن كانت الغنيمة لم تقسم أعاده فيها وإن كانت قد قسمت باعه فتصدق بثمنه وقال الأوزاعي كان المسلمون يخرجون من أرض الحرب بفضل العلف والطعام إلى دار الاسلام ويقدمون به على أهليهم وبالقديد ويهدي بعض إلى بعض لا ينكره إمام ولا يعيبه عالم وإن كان أحد منهم باع شيئا منه قبل أن تقسم الغنائم ألقى ثمنه في الغنيمة وإن باعه بعد القسمة يتصدق به عن ذلك الجيش. وقال أبو يوسف أبا عمرو ما أشد اختلاف قولك تشدد فيما احتاج المسلمون إليه في دار الحرب من السلاح والدواب والثياب إذا كان من الغنيمة وتنهى عن السلاح إلا في معممة القتال وترخص في أن يخرج بالطعام والعلف من الغنيمة إلى دار الاسلام ثم يهديه إلى صاحبه هذا مختلف فكيف ضاق الأول مع حاجة المسلمين إليه واتسع هذا لهم وهم في بيوتهم والقليل من هذا والكثير مكروه ينهى عنه أشد النهي؟ بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا يحل لي من فيئكم ولا هذه - وأخذ وبرة من سنام بعير - إلا الخمس والخمس مردود فيكم فأدوا الخيط والمخيط فإن الغلول عار وشنار على أهله يوم القيامة) فقام إليه رجل بكبة من شعر فقال هب هذا إلى أخيط برذعة بغير لي أدبر فقال أما نصيبي منه فهو لك فقال إذا بلغت هذا فلا حاجة لي فيها وقد بلغنا نحو من هذا من الآثار والسنة والمحفوظة المعروفة وكيف يرخص أبو عمرو في الطعام والعلف ينتفع به (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: أما قول أبي يوسف يضيق أبو عمرو في السلاح ويوسع في الطعام فإن أبا عمرو لم يأخذ الفرق بين السلاح والطعام من رأيه فيما نرى والله تعالى أعلم. إنما أخذه من السنة وما لا اختلاف فيه من جواز الطعام في بلاد العدو أن يأكله غنيا كان أو فقيرا وليس لأحد قدر على سلاح وكراع غنى عنه أن يركب ولا يتسلح السلاح وبكل هذين مضت السنة وعليه الاجماع فإن الذي قال