واحد كل فرقة منهم ردء للأخرى وإذا كان الجيش هكذا فلو أصاب الجيش شيئا دون السرية أو السرية شيئا دون الجيش كانوا فيه شركاء لأنهم جيش واحد وبعضهم ردء لبعض وإن تفرقوا فساروا أيضا في بلاد العدو فكذلك شركت كل واحدة من الطائفتين الأخرى فيما أصابوا فأما جيشان مفترقان فلا يرد واحد منهما على صاحبه شيئا وليسا بجيش واحد ولا أحدهما ردء لصاحبه مقيم له عليه ولو جاز جاز أن يشرك أهل طرسوس وغذقذونة من دخل بلاد العدو لأنه قد يعينونهم أو ينفروا إليهم حين ينالون نصرتهم في أدنى بلاد الروم وإنما يشترك الجيش الواحد الداخل واحدا وإن تفرق في ميعاد اجتماع في موضع وأما ما احتج به من حديث مجالد أن عمر كتب فمن أتاك منهم قبل تنفق القتلى فأشركهم في الغنيمة فهذا غير ثابت عن عمر ولو ثبت عنه كنا أسرع إلى قبوله منه وهو إن كان يثبته عنه فهو محجوج به لأنه يخالفه هو يزعم أن الجيش لو قتلوا قتلى وأحرزوا غنائمهم بكرة وأخرجوا الغنائم إلى بلاد الاسلام عشية وجاءهم المدد والقتلى يتشحطون في دمائهم لم يشركوهم ولو قتلوهم فنفقوا وجاءوا والجيش في بلاد العدو قد أحرزوا الغنائم بعد القتل بيوم وقبل مقدم الجيش المدد بأشهر شركوهم فخالف عمر في الأول والآخر واحتج به فأما ما روى عن زياد بن لبيد أنه أشرك عكرمة فإن زيادا كتب فيه إلى أبي بكر رضي الله تعالى عنه إنما الغنيمة لمن شهد الوقعة فكلم زياد أصحابه فطابوا نفسا أن أشركوا عكرمة وأصحابه متطوعين عليهم وهذا قولنا وهو يخالفه ويروى عنه خلاف ما رواه عنه أهل العلم بالغزو، قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى في المرأة تداوى الجرحى وتنفع الناس لا يسهم لها ويرضخ لها وقال الأوزاعي أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء بخيبر وأخذ المسلمون بذلك بعده قال أبو يوسف رحمه الله تعالى ما كنت أحسب أحدا يعقل الفقه يجهل هذا ما يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم للنساء في شئ من غزوه وما جاء في هذا من الأحاديث كثير لولا طول ذلك لكتبت لك من ذلك شيئا كثيرا ومحمد بن إسحاق وإسماعيل بن أمية عن ابن هرمز قال كتب نجدة إلى ابن عباس كان النساء يحضرن الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب إليه ابن عباس كان النساء يغزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يرضخ لهن من الغنيمة ولم يكن يضرب لهن بسهم والحديث في هذا كثير والسنة في هذا معروفة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وهذا كما قال أبو حنيفة يرضخ لهن ولا يسهم والحديث في هذا كثير وهذا قول من حفظت عنه من حجازيينا، (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أخبرنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر عن أبيه عن يزيد بن هرمز أنه أخبره أن ابن عباس كتب إلى نجدة كتبت تسألني هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء فقد كان يغزو بهن فيداوين المرضى وذكر كلمة أخرى وكتبت تسألني هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب لهن بسهم فلم يكن يضرب لهن بسهم ولكن يحذين من الغنيمة وإنما ذهب الأوزاعي إلى حديث رجل ثقة وهو منقطع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا بيهود ونساء من نساء المسلمين وضرب لليهود وللنساء بمثل سهمان الرجال والحديث المنقطع لا يكون حجة عندنا وإنما اعتمدنا على حديث ابن عباس أنه متصل وقد رأيت أهل العلم بالمغازي قبلنا يوافقون ابن عباس، قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى فيمن يستعين به المسلمون من أهل الذمة فيقاتل معهم العدو لا يسهم لهم، ولكن يرضخ لهم، وقال الأوزاعي أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن غزا معه من يهود وأسهم ولاة المسلمين بعده لمن استعانوا به على عدوهم من أهل الكتاب والمجوس، وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى ما كنت أحسب أحدا من أهل الفقه يجهل هذا ولا يشك الحسن بن عمارة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما
(٣٦١)