قوله (لا يمسكن الناس على بشئ) فإن الله أجل له أشياء حظرها على غيره مثل عدد النساء وأن لا تهب المرأة بغير مهر وفرض عليه أشياء خففها عن غيره مثل فرضه عليه أن يخير نساءه ولم يفرض هذا على غيره فقال (لا يمسكن الناس على بشئ) يعنى مما خص بدونهم فإن نكاحه أكثر من أربع ولا يحل لهم أن يبلغوه لأنه انتهى بهم إلى الأربع ولا يجب عليهم ما وجب عليه من تخيير نسائه لأنه ليس بفرض عليهم فأما ما ذهب إليه من إبطال الحديث وعرضه على القرآن فلو كان كما ذهب إليه كان محجوجا به وليس يخالف القرآن الحديث ولكن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مبين معنى ما أراد الله خاصا وعاما وناسخا ومنسوخا ثم يلزم الناس ما من بفرض الله فمن قبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن الله عز وجل قبل لأن الله تعالى أبان ذلك في غير موضع من كتابه قال الله عز وجل (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت) الآية وقال عز وجل (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) وبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرنا سفيان بن عيينة عن سالم أبي النضر قال أخبرني عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (ما أعرفن ما جاء أحدكم الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا ندري ما هذا ما وجدنا في كتاب الله عز وجل أخذنا به) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى ولو كان كما قال أبو يوسف رحمه الله تعالى دخل من رد الحديث عليه ما احتج به على الأوزاعي فلم يجز له المسح على الخفين ولا تحريم جمع ما بين المرأة وعمتها ولا تحريم كل ذي ناب من السباع وغير ذلك، قال أبو حنيفة رحمه الله إذا دخل الجيش أرض الحرب فغنموا غنيمة ثم لحقهم جيش آخر قبل أن يخرجوا بها إلى دار الاسلام مددا لهم ولم يلقوا عدوا حتى خرجوا بها إلى دار الاسلام فهم شركاء فيها، وقال الأوزاعي قد كانت تجتمع الطائفتان من المسلمين بأرض الروم ولا تشارك واحدة منهما صاحبتها في شئ أصابته من الغنيمة لا ينكر ذلك منهم والى جماعة ولا عالم، وقال أبو يوسف حدثنا الكلبي وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه بعث أبا عامر الأشعري يوم حنين إلى أوطاس فقاتل من بها ممن هرب من حنين وأصاب المسلمون يومئذ سبايا وغنائم فلم يبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قسم من غنائم أهل حنين أنه فرق بين أهل أوطاس وأهل حنين ولا نعلم إلا أنه جعل ذلك غنيمة واحدة وفيئا واحدا وحدثنا مجالد عن عامر الشعبي وزياد بن علاقة الثعلبي أن عمر كتب إلى سعد بن أبي وقاص قد أمددتك بقوم فمن أتاك منهم قبل أن تنفق القتلى فأشركه في الغنيمة. محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه بعث عكرمة بن أبي جهل في خمسمائة من المسلمين مددا لزياد بن لبيد وللمهاجرين أبي أمية فوافقوا الجند قد افتتح البحثر في اليمن فأشركهم زياد بن لبيد وهو ممن شهد بدرا في الغنيمة وقال أبو يوسف فما كنت أحسب أحدا يعرف السنة والسيرة يجهل هذا ألاتي أنه لو غزا أرض الروم جند فدخل فأقام في بعض بلادهم ثم فرق السرايا وترك الجند ردءا لهم لولا هؤلاء ما اقترب السرايا أن يبلغوا حيث بلغوا وما أظنه كان للمسلمين جند عظيم في طائفة أخطأهم أن يكون مثل هذا فيهم وما سمعنا بأحد منهم قسط الغنائم مفترقة على كل سرية أصابت شيئا ما أصابت (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: احتج أبو يوسف أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا عامر إلى أوطاس فغنم غنائم فلم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بين من كان مع أبي عامر وهذا كما قال وليس مما قال الأوزاعي وخالقه هو فيه بسبيل أبو عامر كان في جيش النبي صلى الله عليه وسلم ومعه بحنين فبعثه النبي صلى الله عليه وسلم في اتباعهم وهذا جيش
(٣٦٠)