دلالة من واحد منهما وقلما يكون إلا أن يوجد أو أحسنها عند أهل العلم في ابتداء التصرف والمعقب ويصح إذا اختلفوا كما وصفت أن نقول روى هذا القول عن نفر اختلفوا فيه فذهبنا إلى قول ثلاثة دون اثنين وأربعة دون ثلاثة ولا نقول هذا إجماع فإن الاجماع قضاء على من لم يقل ممن لا ندري ما يقول لو قال وادعاء رواية الاجماع وقد يوجد مخالف فيما ادعى فيه الاجماع (قال الشافعي) رحمه الله تعالى فقال قد علمت أنهم اختلفوا في الرأي الذي لا متقدم فيه من كتاب ولا سنة أفيوجد فيما اختلفوا فيه كتاب وسنة؟ قلت نعم قال وأين؟ قلت قال الله عز وجل (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) وقال عمر بن الخطاب وعلي وابن مسعود وأبو موسى الأشعري لا تحل المرأة حتى تغتسل من الحيضة الثالثة وذهبوا إلى أن الأقراء الحيض وقال هذا ابن المسيب وعطاء وجماعة من التابعين والمفتين بعدهم إلى اليوم وقالت عائشة وزيد بن ثابت وابن عمر الأقراء الأطهار فإذا طعنت في الدم من الحيضة الثالثة فقد حلت وقال هذا القول بعض التابعين وبعض المفتين إلى اليوم وقال الله تعالى (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) فقال علي ابن أبي طالب تعتد آخر الأجلين وروي عن ابن عباس مثل قوله وقال عمر بن الخطاب إذا وضعت ذا بطنها فقد حلت وفي هذا كتاب وسنة وفي الأقراء قبله كتاب ودلالة من سنة وقال الله جل ثناؤه (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر (1)) فهي تطليقة وروى عن عثمان وزيد بن ثابت خلافه وقال علي بن أبي طالب وابن عمر ونفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار لا يقع عليها طلاق ويوقف فإما أن يفئ وإما أن يطلق ومسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخفين فأنكر المسح علي بن أبي طالب وعائشة وابن عباس وأبو هريرة وهؤلاء أهل علم بالنبي صلى الله عليه وسلم ومسح عمر وسعد وابن عمر وأنس بن مالك وهؤلاء أهل علم به والناس مختلفون في هذه الأشياء وفي كل واحد منها كتاب أو كتاب وسنة قال ومن أين ترى ذلك؟ فقلت تحتمل الآية المعنيين فيقول أهل اللسان بأحدهما ويقول غيرهم منهم بالمعنى الآخر الذي يخالفه والآية محتملة لقولهما معا لاتساع لسان العرب وأما السنة فتذهب على بعضهم وكل من ثبتت عنده السنة قال بها إن شاء الله ولم يخالفها لأن كثيرا منها؟
يأتي واضحا ليس فيه تأويل (قال الشافعي) وذكرت له مس الذكر فإن عليا وابن عباس وعمار بن ياسر وحذيفة وابن مسعود لا يرون فيه الوضوء وابن المسيب وغيره بالمدينة لا يرون منه الوضوء وسعدا وابن عمر يريان فيه الوضوء وبعض التابعين بالمدينة وفيه للنبي صلى الله عليه وسلم سنة بأن يتوضأ منه أخذنا بها وقد يروي عن سعيد أنه لا يرى منه الوضوء (قال الشافعي) رحمه الله وقلت الاجماع من أقوام مما يقدر عليه فكيف تكلف من ادعى الاجماع من المشرقيين حكاية خبر الواحد الذي لا يقوم به حجة فنظمه فقال حدثني فلان عن فلان وترك أن يتكلف هذا في الاجماع فيقول حدثني فلان عن فلان لنص الاجماع الذي يلزم أولى به من نص الحديث الذي لا يلزم عنده قال إنه يقول يكثر هذا عن أن ينص فقلت له فينص منه أربعة وجوه أو خمسة فقد طلبنا أن نجد ما يقول فما وجدنا أكثر من دعواه بل وجدنا بعض ما يقول الاجماع متفرقا فيه (قال الشافعي) فقال فإن قلت إذا وجدت قرنا من أهل العلم ببلد علم يقولون القول يكون أكثرهم متفقين عليه سميت ذلك إجماعا وافقه من قبله أو خالفه فأما من قبلهم فلا يكون الأكثر منهم يتفقون على شئ بجهالة ما كان قبلهم ولا يتركون ما قبلهم أبدا إلا بأنه منسوخ أو عندهم ما هو أثبت منه وإن لم يذكروه قلت أفرأيت إذا أجزت لهم خلاف من فوقهم وهم لم يحكوا لك أنهم تركوا على من قبلهم قولهم لشئ علموه أتجيز ذلك