قد تركتم على عمر بن الخطاب من زوايتكم؟ منها ما تركتموه وزعمتم لأن الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم جاء يخالفه ومنها ما تركتموه لأن ابن عمر خالفه ومنها ما تركتموه لرأي أنفسكم لا يخالف عمر فيه أحد يحفظ عنه فلو كان حكم الحاكم وقوله يقوم المقام الذي قلت كنت خارجا منه فيما وصفنا وفيما روى الثقات عن عمر أنكم لتخالفون عنه أكثر من مائة قول منها ما هو لرأي أنفسكم ومثلكم وحفظت أنك تروي عن أبي بكر ستة أقاويل تركتم عليه منها خمسة اثنين في القراءة في الصلاة وأخرى في نهيه عن عقر الشجر وتخريب العامر وعقر ذوات الأرواح إلا لمأكلة وحفظت أنك تركت على عثمان أنه كان يخمر وجهه وهو محرم من روايتكم وغير ذلك وما تركت عليهم من رواية الثقات من أهل المدينة أضعاف ما تركتم عليهم من روايتكم لغفلة ولقلة روايتكم وكثرة روايتهم فإن ذهبتم إلى غيرهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلم ترووا عن أحد قط شيئا علمته إلا تركتم بعض ما رويتم وإن ذهبتم إلى التابعين فقد خالفتم كثيرا من أقاويلهم وإن ذهبتم إلى تابعي التابعين فقد خالفتم أقاويلهم مما رويتم وروى غيركم ما كتبنا منه في هذا الكتاب شيئا يدل على ما رويتم وما تركنا من رواية غيركم أضعاف ما كتبنا فإن أنصفتم بأقاويلكم فلا تشكوا في أنكم لم تذهبوا مذهبا علمناه إلا فارقتموه كان كانت حجتكم لازمة فحالكم بفراقها غير محمودة وإن كانت غير لازمة دخل عليكم فراقها والضعف في الحجة بما لا يلزم قال فقلت للشافعي فقد سمعتك تحكي أن بعض المشرقيين قام بحجتنا فيما ذكرنا من الاجماع فأحب أن تحكي لي ما قلت وقال لك فقال لي الشافعي فيما حكيت الكفاية مما لم أحك وما تصنع بما لم تقله أنت في حجتك؟ فقلت للشافعي قد ذكرت الذي قام بالعذر في بعض ترك الحديث ووصفت أنه منسوب إلى البصرة فقال لي الشافعي هو كما ذكرت وقد جاء منه على ما لم تأت عليه لنفسك ولو لم أر في مذهبه شيئا تقوم به حجة فقلت فاذكر منه ما حضرك (قال الشافعي) قلت له أرأيت الفرض علينا وعلى من قبلنا في اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أليس واحدا؟ قال بلى فقلت إذا كان أبو بكر خليفة النبي صلى الله عليه وسلم والعامل بعده فورد عليه خبر واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر لا مدة بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم يمكنه فيها أن يعمل بالخبر فلا يترك ما تقول فيه؟ قال أقول أنه يقبله ويعمل به فقلت قد ثبت إذا بالخبر ولم يتقدمه عمل من أحد بعد عن النبي صلى الله عليه؟ وسلم يثبته لأنه لم يكن بينهما إمام فيعمل بالخبر ولا يدعه وهو مخالف في هذا حال من بعده (قال الشافعي) فقلت أرأيت إذا جاء الخبر في آخر عمره ولا يعمل به ولا بما يخالفه في أول عمره وقد عاش أكثر من سنة يعمل فما تقول فيه؟ قال يقبله فقلت فقد قبل خبرا لم يتقدمه عمل (قال الشافعي) لو أجبت إلى النصفة على أصل قولك يلزمك أن لا يكون على الناس العمل بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بأن يعمل به من بعده أو يترك العمل لأنه إذا كان للإمام الأول أن يدعه لم يعمل به كان جميع من بعده من الأئمة في مثل حاله لأنه لابد أن يبتدئ العمل به الإمام الأول أو الثاني أو من بعده قال فلا أقول هذا (قال الشافعي) فما تقول في عمر وأبو بكر إمام قبله إذا ورد خبر الواحد لم يعمل به أبو بكر ولم يخالفه؟ قال يقبله قلت أيقبله ولم يعمل به أبو بكر قال نعم ولم يخالفه قلت أفيثبت ولم يتقدمه عمل؟ قال نعم قلت وهكذا عمر في آخر خلافته وأولها؟ قال نعم قلت وهكذا عثمان؟ قال نعم قلت زعمت أن الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم يلزم ولم يتقدمه عمل قبله وقد ولى الأئمة ولم يعملوا به ولم يدعوه قال فلا يمكن أن تكون للنبي صلى الله عليه وسلم سنة إلا عمل بها الأئمة بعده (قال الشافعي) فقلت له وقد حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أشياء لا يحفظ عن أحد من خلفائه فيها شئ؟ فقال نعم سنن كثيرة ولكن من أين ترى ذلك (قال الشافعي) فقلت استغنى فيها فالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن بعده وذلك أن بالخلق الحاجة إلى الخبر عنه وأن عليهم اتباعه ولعل منها ما لم يرد على من بعده قال فمثل لي ما
(٢٧٧)