مالك قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه فاتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فوضع يده في ذلك الاناء وأمر الناس أن يتوضئوا منه قال فرأيت الماء ينبع من بين أصابعه فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم (قال الشافعي) في مثل هذا المعنى إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل وبعض نسائه من إناء واحد فإذا توضأ الناس معا ففي هذا دليل على أنه لا وقت فيما يطهر من المتوضئ من الماء إلا الاتيان على ما أمر الله به من غسل ومسح وكذلك إذا اغتسل الاثنان معا فإذا أتى المرء على ما أمر الله تعالى به من غسل ومسح فقد أدى ما عليه قل الماء أو كثر وقد يرفق بالماء القليل فيكفي ويخرق بالكثير فلا يكفي وأقل ما يكفي فيما أمر بغسله أن يأخذ له الماء ثم يجريه على الوجه واليدين والرجلين فإن جرى الماء بنفسه حتى أتى على جميع ذلك أجزأه وان أمر به على يده وكان ذلك بتحريك له باليدين كان أنقى وكان أحب إلي وإن كان على شئ من أعضائه مشق (1) أو غيره مما يصبغ الجسد فأمر الماء عليه فلم يذهب لم يكن عليه إعادة غسل العضو إذا أجرى الماء عليه فقد جاء بأقل ما يلزمه وأحب إلي لو غسله حتى يذهب كله وإن كان عليه علك أو شئ ثخين فيمنع الماء أن يصل إلى الجلد لم يجزه وضوء ذلك العضو حتى يزيل عنه ذلك أو يزيل منه ما يعلم أن الماء قد ماس معه الجلد كله لا حائل دونه فأما الرأس فيأخذ من الماء بما شاء من يده ثم يمسح برأسه إذا وصل إليه أو شعره الذي عليه فإن كان أيضا دون ما يمسح من شعره حائل لم يجزه وكذلك إن كان دون الرأس حائل ولا شعر عليه لم يجزه حتى يزيل الحائل فيباشر بالمسح رأسه أو شعره وإن انغمس في ماء جار أو ناقع لا ينجس انغماسة تأتى على جميع أعضاء الوضوء ينوى الطهارة بها أجزأه وكذلك إن جلس تحت مصب ماء أو سرب للمطر أو مطر ينوي به الطهارة فيأتي الماء على جميع أعضاء الوضوء حتى لا يبقى منها شئ أجزأه.
ولا يجزئ الوضوء الا بنية ويكفيه من النية فيه أن يتوضأ ينوي طهارة من حدث أو طهارة لصلاة فريضة أو نافلة أو لقراءة مصحف أو صلاة على جنازة أو مما أشبه هذا مما لا يفعله إلا طاهر (قال) ولو وضأ بعض أعضائه بلا نية ثم نوى في الباقي لم يجزه إلا أن يعود للذي وضأ بلا نية فيحدث له نية يجزئه بها الوضوء (2) " قال أبو محمد ويغسل ما بعده وهو قول الشافعي في غير هذا الموضع ويغسل ما بعده " (قال الشافعي) وإذا قدم النية مع أخذه في الوضوء أجزأه الوضوء فإن قدمها قبل ثم عزبت عنه لم يجزه وإذا توضأ وهو ينوي الطهارة ثم عزبت عنه النية أجزأته نية واحدة فيستبيح بها الوضوء ما لم يحدث نية أن يتبرد بالماء أو يتنظف بالماء لا يتطهر به وإذا وضأ وجهه ينوي الطهارة ثم نوى بغسل يديه وما بقي من جسده التنظيف أو التبريد لا الطهارة لم يجزه الوضوء حتى يعود لغسل أعضائه التي أحدث فيها غير نية الطهارة فإذا وضأ نفسه أو وضأ غيره فسوا. ويأخذ لكل عضو منه ماء غير الماء الذي أخذ للآخر ولو مسح رأسه بفضل بلل وضوء يديه أو مسح رأسه ببلل لحيته لم يجزه ولا يجزئه إلا ماء جديد (قال الربيع) ولو غسل وجهه بلا نية طهارة للصلاة ثم غسل يديه بعد ومسح رأسه وغسل رجليه ينوى الطهارة كان عليه أن يعيد غسل الوجه ينوى به الطهارة وغسل ما بعد ذلك مما غسل لا ينوي به الطهارة