إلى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهم اتباعه لا أن شيئا من أقاويلهم تبع ما روى عنه ووافقه يزيد قوله شدة ولا شيئا خالفه من أقاويلهم يوهن ما روى عنه الثقة لان قوله المفروض اتباعه عليهم وعلى الناس وليس هكذا قول بشر غير رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال الشافعي) فإن قال قائل صح الحديث المروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خالفه بعض أصحابه جاز له أن يتهم عن بعض أصحابه لخلافه لان كلا روى خاصة ومعا وإن بينهما مما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أولى أن يصار إليه ومن قال منهم قولا لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجز لاحد أن يقول إنما قاله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وصفت من أنه يعزب عن بعضهم بعض قوله ولم يجز أن نذكره عنه إلا رأيا له ما لم يقله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان هكذا لم يجز أن يعارض بقول أحد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو قال قائل لا يجوز أن يكون إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل له خلاف من وضعه هذا الموضع وليس من الناس أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وقد أخذ من قوله وترك لقوله غيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجوز في قول النبي صلى الله عليه وسلم أن يرد لقول أحد غيره فإن قال قائل فاذكر لي في هذا ما يدل على ما وصفت فيه قيل له ما وصفت في هذا الباب وغيره متفرقا وجملة ومنه أن عمر بن الخطاب إمام المسلمين والمقدم في المنزلة والفضل وقدم الصحبة والورع والثقة والثبت والمبتدئ بالعلم قبل أن يسأله والكاشف عنه لان قوله حكم يلزم حتى كان يقضى بين المهاجرين والأنصار أن الدية للعاقلة ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا حتى أخبره أو كتب إليه الضحاك بن سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها فرجع إليه عمر وترك قوله وكان عمر يقضى أن في الابهام خمس عشرة والوسطى والمسبحة عشرا عشرا وفى التي تلى الخنصر تسعا وفى الخنصر ستا حتى وجد كتابا عند آل عمرو بن حزم الذي كتبه له النبي صلى الله عليه وسلم وفى كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل فترك الناس قول عمر وصاروا إلى كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ففعلوا في ترك أمر عمر لأمر النبي صلى الله عليه وسلم فعل عمر في فعل نفسه في أنه ترك فعل نفسه لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وذلك الذي أوجب الله عز وجل عليه وعليهم وعلى جميع خلقه (قال الشافعي) وفى هذا دلالة على أن حاكمهم كان يحكم برأيه فيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه سنة لم يعلمها ولم يعلمها أكثرهم وذلك يدل على أن علم خاص الاحكام خاص كما وصفت لا عام كعام جمل الفرائض (قال الشافعي) وقسم أبو بكر حتى لقى الله عز وجل فسوى بين الحر والعبد ولم يفضل بين أحد بسابقة ولا نسب ثم قسم عمر فألغى العبيد وفضل بالنسب والسابقة ثم قسم على فألغى العبيد وسوى بين الناس وهذا أعظم ما يلي الخلفاء وأعمه وأولاه ان لا يختلفوا فيه وإنما جعل الله عز وجل في المال ثلاثة أقسام قسم الفئ وقسم الغنيمة وقسم الصدقة فاختلف الأئمة فيها ولم يمتنع أحد من أخذ ما أعطاه أبو بكر ولا عمر ولا علي وفى هذا دلالة على أنهم يسلمون لحاكمهم وإن كان رأيهم خلاف رأيه وإن كان حاكمهم قد يحكم بخلاف آرائهم لا أن جميع أحكامهم من جهة الاجماع منهم وعلى أن من ادعى أن حكم حاكمهم إذا كان بين أظهرهم ولم يردوه عليه فلا يكون إلا وقد رأوا رأيه قيل إنهم لو رأوا رأيه فيه لم يخالفوه بعده فإن قال قائل قد رأوه في حياته ثم خلافه بعده: قيل له فيدخل عليك في هذا إن كان كما قلت إن إجماعهم لا يكون حجة عندهم إذا كان لهم أن يجمعوا على قسم أبى بكر ثم يجمعوا على قسم عمر ثم يجمعوا على قسم على وكل واحد منهم يخالف صاحبه فإجماعهم إذا ليس بحجة عندهم أولا ولا آخرا وكذلك لا يجوز إذا لم يكن عندهم
(١٧٧)