القوة المذكورة وقد تكون الآفة من حيث هي من قبل قوة واحدة كما يكون تشويش الذهن بتصور مناف كما في الماليخوليا وربما كان بمعونة واحدة من الظاهر فأكثر كالعشق فإنه وإن كان من قبل النفس ربما ولده نظر أو سماع وقد يكون من قبل اثنين كما قيل في السعال إنه من قبل الطبيعة فتقذف الخلط فتكمل النفسية إخراجه وقد تكون البادية هي النفسية كما في العطاس فالعوارض لا تبرح مترددة بين الثلاثة إفرادا وتركيبا بداية وإتماما وهذا البحث إذا أتقن كان هو السبب الأعظم في عدم الخطأ في العلاج وفى رد كل إلى أصله إلا أن ملاك الامر فيه جودة الحدس وصحة الفكر وحسن النظر وطول التأمل (وأما التابع لضرر الفعل) فقد عرفت أنه إما سوء حال البدن في مخالفة المجرى الطبيعي فيما يدرك بالبصر كاسوداد البدن وتغير شكله في الجذام أو في السمع كأصوات الريح والقراقر أو بالشم كرائحة نفث السل وعرق العفونة أو باللمس كفرط الحرارة مثلا.
واختلفوا هل يدرك بالطعم فنفاه قوم وهو الصحيح وأثبته آخرون وعجزوا عن تمثيله. وأما حال ما يبرز منه فتارة يكون طبيعيا كالرعاف عن الامتلاء الدموي وأخرى غير طبيعي كفصد الخطأ وكل إما من البدن كالبول أو غريب كالخمر وكل إما زائد الكم كبول الذوبان أو ناقص كبول الاستسقاء أو معتدل وكل إما جيد الكيفية ككون البول نارنجيا أو فاسدا كسواد البراز ورقته وكل إما مؤجل كعلمنا بأن من ظهر في أجفانه ثلاث بثرات إحداهن سوداء والاخرى شقراء والاخرى كمدة فإنه يموت في الرابع هذا في القصار وأما في الطوال كعلمنا بأن من اجتمع في وسط رأسه أو أسفل صدره ورم في الخرزة غير مؤلم فإنه يموت في الثاني والخمسين قبل طلوع الشمس فهذا حال مطلق الاعراض وبسببها انقسمت العلامات إلى ما يدل على الخلق وهذا القسم يسمى بالفراسات على الحالات الثلاثة ويسمى العلامات مطلقا عند الطبيب وإلا فبعضها عرض يكون عند المرض وبهذا الاعتبار وعموم العلامة تفترق عنده العلامات والاعراض ثم هي باعتبار الزمان يختص بالانتفاع بالماضي منها الطبيب خاصة لحصول الوثوق به فلا تختلف عليه كما إذا أخبر من عرض النبض والبلل بعرق سبق وبالآتي نحو المريض في عدم الوهم كاخباره باختلاج الشفة السفلى بقئ يأتي والحاضر بنفعهما معا كالاخبار من سرعة النبض بالحرارة كذا قالوه وعندي أن الوثوق بالآتي أشد حصولا من الماضي لعدم الريبة فيه. ثم العلامات قد تدل على الأعضاء البسيطة وقد تكون دلالتها على التركيب فالأول مثل دسومة البول على ذوبان الشحم والثاني مثل صدق حمرة الدم على دوسنطاربا بالكبد وعلى كل حال إما أن يدل ما خفى على ما قلناه أو ظهر وهذه هي الفراسة وقد أفردت بالتأليف وستأتى قريبا في حرف الفاء [علم الحرف] هو كما قرره الشيخ باحث عن خواص الحروف إفرادا وتركيبا وموضوعه الحروف الهجائية ومادتها الاوفاق والتراكيب وصورته تقسيمها كما وكيفا وتأليف الأقسام والعزائم وما ينتج منه وفاعله المتصرف وغايته التصرف على وجه يحصل به المطلوب إيقاعا وانتزاعا ومرتبته الروحانيات والفلك والنجامة، ويحتاج إلى الطب من وجوه كثيرة: منها معرفة الطبائع والكيفيات والدرج والأمزجة، ومن الجهل به يقع الخطأ في هذا غالبا فان ذا المزاج الحار إذا استعمل الحروف الحارة وقع في نحو الاحتراق وبالعكس. ومنها معرفة البخورات نباتية كانت أو غيرها وإلا فسد العمل بتبديلها والطب ليس محتاجا إليه إلا إذا رأينا الكتابات في الاخلاط والأمزجة فان العزائم والأسماء كالأدوية إلى غير ذلك مما سيأتي بيانه على التفصيل إن شاء الله تعالى. واعلم أن الحرف تارة يكون فلكيا وهو الحرف العلوي الطبيعي الروحاني الحقيقي وتارة يكون وسطيا وهو اللفظي، وتارة يكون سفليا جسديا وهو الرقمي الخطى