لانفراده بأسباب مخصوصة وهذا غير ناهض بما طلبوه وإنما يثبت الضدية المعلومة بغير نزاع، وقال الرازي والمسيحي المرض أصل لعدم انضباط الطوارئ والصحة فرع وهذا باطل أصلا وإلا لما أمكن وجودها، وقال أبقراط والشيخ وجل أهل الصناعة الأصل الصحة وإنما يطرأ المرض لكثرة التغيرات وهذا هو الصحيح وإلا انتقض مراد الحكيم تعالى عن ذلك. فان قيل إذا كان الطب حافظا للصحة دافعا للمرض فالواجب البقاء وعدم اختلال البنية خصوصا من نفس الطبيب ونحن نرى الحكماء فضلا عن غيرهم يضعفون ويموتون فلا فائدة للطب قلا ليس على الطبيب منع الموت ولا الهرم ولا تبليغ الاجل الأطول ولا حفظ الشباب لعدم قدرته على ضبط ما ليس إليه أمره كتغير الهواء وكوروده على الأغذية من حيوان وغيره ومشقة الاحتراز في تعديل المأكل والمشرب وغيرهما وعدم إمكان جلب الفصول على طبائعها الأصلية فقد ينقلب كل منهما إلى الآخر وإنما عليه إصلاح ما أمكن من دفع ضار مناف وحفظ صحة إلى الاجل المعلوم. فان قيل موجبات الموت والحياة ولوازمهما إما أن تكون بتقدير الصانع إيجابا وسلبا كما هو الحق أو باقتضاء طوالع الوقت وكلاهما ليس للطب قدرة عليه فانتفت الحاجة إليه. قلنا لو كان الامر كذلك لكان الأكل والشرب وسائر ما به القوام من هذا القبيل فكان يجب تركه لان المقدر من بقاء البدن إن كان بدونها فلا فائدة في تعاطيها وبها لزم والكل باطل بل هي تقادير علق الامر عليها كما في محله فكذا الطب وبه جاءت السنة عن أرباب النواميس فقد قال عليه الصلاة والسلام (تداووا فان الذي أنزل الداء أنزل الدواء وما من داء إلا وله دواء) إلى غير ذلك (فقيل له أيدفع الدواء القدر؟ فقال عليه الصلاة والسلام الدواء من القدر) إذا عرفت هذا مع ما تقدم من المواليد وغيرها مع ما يأتي علمت أن لا خلاف في أن وجود النوع أولا كان بحكم الاختراع وقد عرفت الكلام فيه فإذا الصحة إما أن تحفظ بحسب بقاء نفس الشخص أو بالنظر إلى النوع ولا زيادة في الثاني على الأول سوى الكلام على توليد الماء وصفة إلقائه في الرحم وما يجب له إلى أن يخرج ثم بعد الخروج يتحد الأمران إلى انحلال الوجود وتقدم بعض ذلك في حرف الميم فراجعه والله أعلم [صداع] ألم في أعضاء الرأس مناف للطبيعى ويختلف الاحساس به من حيث المادة ويكون عن خلط فأكثر ساذجا أو ماديا وعن بخار كذلك وغيرها ويستدل عليه بمامر فعلامة الحار مطلقا في كل مرض سخونة الملمس وحمرة اللون وامتلاء النبض وتلون القارورة والكسل والتهيج وحلاوة الفم في الدم ومرارته وزيادة العطش والجفاف في الصفراء وكذا القلق والضربان والدوى والبارد بالعكس والاستلذاذ بالمضاد شائع في الكل (السبب) يكون في الحار إما من خارج كالمشى في الشمس والمكث في الحمام أو من داخل كافراط غضب أو أخذ مسخن كزنجبيل وكذا البارد بعكس ما ذكر وهذا القول يطرد في كل مرض فاستغنى عن الإعادة.
(العلاج) لاشك أن حقيقة الصداع فساد المادة في الكم أو الكيف ثم يترقى فان عم جميع أجزاء الرأس سمى صداعا وخودة أو وسط الرأس فالبيضة أو أحد الجانبين فالشقيقة إلى غير ذلك من الأنواع وعلى كل الأحوال إن دلت العلامات على أن المادة دموية فصدت القيفال بالشروط المذكورة وإن كان الصداع متعديا إلى الدماغ من عضو غيره فصد المشترك وقد يفصد في الصفراء لحدة الدم ثم ينقى الخلط الغالب بالمناسب. ومن المجربات الخاصة به أعنى الحار مما استخر جناه ولم نسبق إليه هذا الدواء. وصنعته: معجون ورد ثلاث أواق معجون بنفسج أوقية عناب سبستان إجاص ماء ورد ودهن ورد من كل نصف أوقية يطبخ الكل بأربعمائة درهم ماء عذبا حتى يبقى ربعه ويصفى ويستعمل ويغذى بالقرع والإسفاناخ أو مزورة الأجاص ويطلى بماء الورد ودهنه والخل وماء