الصلاة " (1)، ولا يستغرب أن نرى عمار بن ياسر الذي ورد فيه أنه يدعو إلى الجنة وخصومه يدعون إلى النار - إلى غير ذلك من الأحاديث التي ذكرناها - يقول يوم صفين وهو يشير إلى راية معاوية: قاتلت صاحب هذه الراية ثلاثا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذه الرابعة " (2)، وروي أن رجلا سأل عمارا: يا أبا اليقظان، ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: قاتلوا الناس حتى يسلموا. فإذا أسلموا عصموا مني دماءهم وأموالهم؟ قال: بلى، ولكن والله ما أسلموا ولكن استسلموا وأسروا الكفر حتى وجدوا عليه أعوانا " (3)، ولا يستغرب أن نسمع ابن مسعود وهو يحدث بحديث فيه اسم من الأسماء التي حذر النبي صلى الله عليه وسلم منها، قال عبد الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم معاوية بن أبي سفيان يخطب على منبري فاضربوا عنقه "، وكان الحسن يقول: فوالله ما فعلوا ولا أفلحوا " (4)، وليس معنى قتله لأنه دخل المسجد، وإنما لأنه يخطب. لأن الخطبة لا بد أن تحمل فكره وثقافته في معنى مال الله ودين الله وعباد الله، وخطورة هذه الثقافة تبلغ مداها إذا كان معاوية ورجاله هم حراس الأمة، لهذا وجدنا الحسن بن علي بعد وفاة أمير المؤمنين. يقيم الحجة على الناس في كل ميدان. فلقد تجهز لقتال معاوية ولكنه خذل، ثم حث الناس على الصمود ولكنهم قالوا: البقية البقية!!
وطلبوا الصلح. ثم اشترط الحسن شروطا. ولكن معاوية لم يف بها لسبب بسيط هو أن الأمة كانت تغط في نوم عميق. والحجة لا يأتي إلى الناس وإنما الناس هم الذين يأتون إليه لأن قانون الاختيار يدور على قوله تعالى: (ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون " (5).