عمار تقتلك الفئة الباغية " (1).
والقتل لم يكن من أجل القتل، ولكن لكل قتل أسبابه، ويمكن ملاحظة هذه الأسباب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار " (2)، ثم يتعدى التحذير أرض المعركة ويشمل مساحة أوسع وذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمار: " ستقتلك الفئة الباغية وأنت مع الحق. فمن لم ينصرك يومئذ فليس مني " (3).
هذا هو عمار، جندي علي بن أبي طالب! فماذا قال عمار على أرض صفين؟
روي أن عمارا خرج إلى الناس فقال: اللهم إنك تعلم إني لو أعلم أن رضاك في أن أقذف بنفسي في هذا البحر لفعلته - اللهم إنك تعلم أني لو أعلم رضاك في أن أضع ظبة سيفي في صدري، ثم انحنى عليها حتى تخرج من ظهري لفعلت، وإني لا أعلم اليوم عملا هو أرضى لك من جهاد هؤلاء الفاسقين ولو أعلم أن عملا من الأعمال هو أرضى لك منه لفعلته.
وقال عمار: أيها الناس اقصدوا بنا نحو هؤلاء الذين يبتغون دم ابن عفان ويزعمون أنه قتل مظلوما. والله ما طلبتهم بدمه. ولكن القوم ذاقوا الدنيا فاستحبوها واستمرؤها، وعلموا أن الحق إذا لزمهم حال بينهم وبين ما يتمرغون فيه من دنياهم. ولم يكن للقوم سابقة في الإسلام يستحقون بها طاعة الناس والولاية عليهم. فخدعوا أتباعهم أن قالوا: إمامنا قتل مظلوما. ليكونوا بذلك جبابرة ملوكا. وتلك مكيدة بلغوا بها ما ترون. ولولا هي ما تبعهم من الناس رجلان. اللهم إن تنصرنا فطالما نصرت. وإن تجعل لهم الأمر. فادخر لهم بما