وأما قوله: " لو عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبربك هل كان يرضي لك أن تؤذي حليلته ". فلعلي كرم الله وجهه أن يقلب الكلام عليه.
فيقول: " افتراه لو عاش. أكان يرضي لحليلته أن تؤذي أخاه ووصيه. وأيضا أتراه لو عاش أكان يرضي لك يا ابن أبي سفيان أن تنازع عليا الخلافة، وتفرق جماعة هذه الأمة. وأيضا أتراه لو عاش أكان يرضي لطلحة والزبير أن يبايعا. ثم ينكثا لا لسبب. بل قالا: جئنا تطلب الدراهم. فقد قيل لنا: إن بالبصرة أموالا كثيرة هذا الكلام يقوله لمثلهما.
فأما قوله: " تركت دار الهجرة " فلا عيب عليه إذا انتقضت عليه أطراف الإسلام بالبغي والفساد أن يخرج من المدينة إليها، ويهذب أهلها، وليس كل من خرج من المدينة كان خبثا. فقد خرج عنها عمر مرارا إلى الشام. ثم لعلي كرم الله وجهه أن يقلب عليه الكلام فيقول له: وأنت يا معاوية قد نفتك المدينة أيضا عنها. فأنت إذن خبث. وكذلك طلحة والزبير وعائشة الذين تتعصب لهم وتحتج على الناس بهم، وقد خرج من المدينة الصالحون. كابن مسعود وأبي ذر وغيرهما وماتوا في بلاد نائية عنها.
وأما قوله: " بعدت عن حرمة الحرمين، ومجاورة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم "، فكلام إقناعي ضعيف، والواجب على الإمام أن يقدم الأهم فالأهم من مصالح الإسلام. وتقديم قتال أهل البغي على المقام بين الحرمين أولى... (1).
إن خطاب معاوية ليس فيه علم يرى. وهو خطاب إعلامي في المقام الأول يخاطب به غوغاء الشام ومن على شاكلتهم على الرغم من أن الرسالة موجهة إلى أمير المؤمنين علي: وعلى هذا المنوال بعث معاوية برسالة أخرى إلى أمير المؤمنين علي يقول له فيها: أما بعد، يقول الله تعالى في محكم كتابه (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من