معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ٤٧
يقول ابن أبي الحديد: وأعجب وأطرب ما جاء به الدهر، وإن كانت عجائبه وبدائعه جمة - أن يفضي أمر علي كرم لله وجهه إلى أن يصير معاوية ندا له ونظيرا مماثلا. يتعارضان الكتاب والجواب. ويتساويان فيما يواجه به أحدهما صاحبه. ولا يقول له علي كرم الله وجهه كلمة إلا قال مثلها. وأخشن مسا منها.
فليت محمد صلى الله عليه وسلم كان شاهد ذلك ليرى عيانا لا خبرا أن الدعوة التي قام بها. وقاسي أعظم المشاق في تحملها. وكابد الأهوال في الذب عنها. وضرب بالسيوف عليها لتأييد دولتها. وشيد أركانها. وملأ الآفاق بها.
خلصت صفوا عفوا لا عدائه الذين كذبوه لما دعا إليها. وأخرجه عن أوطانه لما حصن عليها. وأدموا وجهه وقتلوا عمه وأهله. فكأنه كان يسعى لهم ويدأب لراحتهم، كما قال أبو سفيان في أيام عثمان.
وقد مر بقبر حمزة. وضربه برجله وقال: يا أبا عمارة: إن الأمر الذي اختلفنا عليه بالسيف أمسي في يد غلماننا اليوم يتلعبون به ثم آل الأمر أن يفاخر معاوية عليا. كما يتفاخر الأكفاء والنظراء! ثم أقول ثانيا لأمير المؤمنين علي كرم الله وجهه ليت شعري. لماذا فتح باب الكتاب والجواب بينه وبين معاوية؟
وإذا كانت الضرورة قد قادت إلى ذلك فهلا اقتصر في الكتاب إليه على الموعظة من غير تعرض للمفاخرة (1) والمنافرة. وإذا كان لا بد منهما. فهلا اكتفى بهما من غير تعرض لأمر آخر يوجب المقابلة والمعارضة بمثله. وبأشد منه (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم) (2)، وهلا دفع هذا الرحل العظيم الجليل نفسه عن سباب هذا السفيه الأحمق. هذا مع أنه القائل: من واجه الناس بما يكرهون قالوا فيه ما لا يعلمون. أي افتروا عليه

(1) المصدر السابق 769 / 4.
(2) كان الإمام قد تفاخر في رسالة وقال: إن كنت صادقا فيما تسطر.. فدع الناس جانبا.
وتيسر لما دعوتني إليه من الحرب... واعف الفريقين من القتال. ليعلم أينا المرين على قلبه. المغطي على بصره، فأنا أبو الحسن، قاتل جدك وأخيك وخالك. (ابن أبي الحديد 770 / 4).
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459