وعمر، بما لا يرضي الرأي العام لأن الغالب الأعم في الأمصار كانوا يعتقدون إمامة الشيخين إلا القليل... من خواص أمير المؤمنين، كان معاوية يريد أن يسجل عليه قوله أنهما غصباه حقه. فيجعل ذلك حجة عليه عند أهل الشام ويضيفه إلى ما وضعه في عقولهم من انتقاص علي كما زعم. كان يريد أن وينسبهما إلى الظلم ومخالفة الرسول في أمر الخلافة. فالحصول على تسجيل مثل هذا كفيل بأن يفسد عليه أهل العراق أيضا وهم جنده وبطانته وأنصاره. لأن الغالب الأعم فيهم كانوا يعتقدون إمامة الشيخين. لهذا لم يدخر معاوية جهدا من أجل فتح هذا الباب. فأرسل كتابا مع أبي مسلم الخولاني قصد أن يغضب عليا ويجرحه إذا قرأ ذكر أبي بكر وأنه أفضل المسلمين إلى أن يخلط خطة في الجواب بكلمة تقتضي طعنا في أبي بكر. فجاءه الرد من علي غير واضح غير بين. ليس فيه تصريح بالتظلم لهما وتارة يترحم عليهما. وتارة يقول: أخذا حقي وقد تركته لهما. فأشار عمرو به العاص مع معاوية أن يكتب كتابا ثانيا للكتاب الأول ليستفزا فيه عليا. ويحمله الغضب أن يكتب كلاما يتعلقان به في تقبيح حاله. فكتب معاوية إلى أمير المؤمنين كتابا أنفذه مع أبي أمامة الباهلي ومما جاء فيه: " لقد حسدت أبا بكر والتويت عليه. ورمت إفساد أمره. وقعدت في بيتك واستغويت عصابة من الناس حتى تأخروا عن بيعته. ثم كرهت خلافة عمر.
وحسدته واستطلت مدته. وسررت لقتله. وأظهرت الشماتة بمصابه. حتى أنك حاولت قتل ولده لأنه قتل قاتل أبيه. ثم لم تكن أشد منك حسدا لابن عمك عثمان نشرت مقابحه. وطعنت في فقهه. ثم في دينه. ثم في سيرته ثم في عقله. وأغريت به السفهاء من أصحابك وشيعتك. حتى قتلوه بمحضر منك " وجاء فيها: " فدع اللجاج، والعبث جانبا، وادفع إلينا قتلة عثمان، وأعد الأمر شوري بين المسلمين ليتفقوا على من هو لله رضا. فلا بيعة لك في أعناقنا. ولا طاعة لك علينا ولا عتبي لك عندنا. وليس لك ولأصحابك عندي إلا السيف "، وجاء فيها: " فأما ما لا تزال تمن به من سابقتك وجهادك. فإني وجدت الله سبحانه يقول: " يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم