صادقين) (1)، ولو نظرت في حال نفسك لوجدتها أشد الأنفس امتنانا على الله بعملها، وإذا كان الامتنان على السائل يبطل أجر الصدقة. فالامتنان على الله يبطل أمر الجهاد، ويجعله (كمثل صفوان عليه تراب...) الآية (2)، فهكذا نسج معاوية وابن العاص شباك الصيد التي تخدم أهواءهما كي يركبا على أعناق الأمة. ورد أمير المؤمنين وكان رده من محاسن الكتب. وجاء فيه: " أما بعد فقد أتاني كتابك تذكر فيه اصطفاء الله محمدا صلى الله عليه وسلم لدينه. وتأييده إياه لمن أيده من الصحابة. فلقد خبأ لنا الدهر منك عجبا، إذ طفقت تخبرنا ببلاء الله تعالى عندنا. ونعمته علينا في نبينا. فكنت في ذلك كناقل التمر إلى هجر أو داعي مسدده إلى النضال.
والمعنى: " فلقد خبأ لنا الدهر منك عجبا " موضع التعجب أن معاوية يخبر عليا كرم الله وجهه باصطفاء الله تعالى محمدا وتشريفه له. وتأييده له. وهذا ظريف لأنه يجري كإخبار زيد عمرا عن حال عمرو. إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم وعلي كرم الله وجهه كالشئ الواحد وقوله: " فكنت في ذلك كناقل التمر إلى هجر " وهجر اسم مدينة. وهي بلدة كثيرة النخل يحمل منها التمر إلى غيرها (3). ثم قال الإمام في خطابه: " وزعمت أن أفضل الناس في الإسلام فلان وفلان، فذكرت أمرا إن تم اعتزلك كله. وإن نقص لم يلحقك ثلمه. وما أنت والفاضل والمفضول. والسائس والمسوس، وما للطلقاء وأبناء الطلقاء والتمييز بين المهاجرين الأولين وترتيب درجاتهم. هيهات لقد جن قدح ليس منها (4).
وطفق يحكم فيها من عليه الحكم لها (5). ألا تربع أيها الإنسان على ظلعك (6).