لم يقتصروا على أخذ حقه ساكتين عن الدعوى. ولكنهم أخذوه وادعوا أن الحق لهم وأنه يجب عليه أن يترك المنازعة فيه. فيا ليتهم أخذوه معترفين بأنه حقه.
فكانت المصيبة به أخف وأهون (1).
ولقد ذكرنا في هذا الكتاب أن الساحة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كان بها العديد من التيارات التي تصد عن سبيل الله. وذكرنا أن الصحابة الكبار أرادوا أن يحيدوا هذه التيارات حتى لا تبطش بالدعوة فكان ما جرى في السقيفة. والإمام هنا لا يخص إنسانا بعينه نازعه الأمر. وإنما يذكر قريشا إذ تحدث عن الذين قطعوا رحمه وصغروا منزلته وأجمعوا على منازعته. وهذا يؤيد ما ذهبنا إليه في أن قريشا دبرت أمرا. وبعضي قريش هموا بعمل كان في رأيهم إنقاذا للدعوة. وبعد السقيفة اعتزل الإمام علي وكانت له مكانته بين القوم حتى كان يوم الشورى وفيه رفعت أعلام " إنك على هذا الأمر يا ابن أبي طالب لحريص ".
وبعد أن وضع الإعلام العلوي النقاط فوق الحروف في قضية طرحها الإعلام الأموي الذي يبتغي التشكيك والمتاجرة بكل شئ.
طالب الإمام أتباعه إذا سألوا أن يسألوا تفقها فقال: سل تفقها. ولا تسأل تعنتا، فإن الجاهل المتعلم شبيه بالعالم. وإن العالم المتعنت شبيه بالجاهل " (2).
وقال: " لا تجعلوا علمكم جهلا ويقينكم شكا. إذا علمتم فاعملوا. وإذا تيقنتم فأقدموا " (3)، وقال: " اعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية.
لا عقل رواية. فإن رواة العلم كثير ورعاته قليل " (4)، ثم طالب الإمام بكتابة العلم ليكون حجة على امتداد الزمان فقال: " الق دواتك. وأطل جلفة قلمك. وفرج بين السطور. وقرمط بين الحروف فأن ذلك أجدر بصباحة