من نازعه حين أظهر نفسه، ولكنه مالك الأمر وصاحب الخلافة، إذا طلبها وجب علينا القول تنسيق من ينازعه فيها، وإذا أمسك عنها وجب القول بعدالة من أغضى له عليها، وحكمه في ذلك حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه قد ثبت عنه في الأخبار الصحيحة أنه قال: " علي مع الحق والحق مع علي يدور حيثما دار " وقال له غير مرة: " حربك حربي وسلمك سلمي " وهذا المذهب هو أعدل المذاهب عندي وبه أقول (1).
وقال: ومذهب أصحابنا من البغداديين أنه الأفضل والأحق بالإمامة وأنه لولا ما يعلمه الله ورسوله من أن الأصلح للمكلفين من تقديم المفضول عليه لكان من تقدم عليه هالكا، فرسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره أن الإمامة حقه، وأنه أولى بها من الناس أجمعين، وأعلمه أنه في تقديم غيره وصبره على التأخر عنها مصلحة راجعة إلى المكلفين، وأنه يجب عليه أن يمسك عن طلبها ويغض عنها لمن هو دون مرتبته، فامتثل ما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يخرجه تقدم من تقدم عليه من كونه الأفضل والأولى والأحق (2).
ومعنى هذا أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من كنت مولاه فعلي مولاه " فيه إشارة إلى مخاطبة دائرة الاختيار والإرادة عند الصحابة. بمعنى إذا أردتم سلوك طريقي والنجاة من الفتن التي حدثتكم عنها فهذا هو طريق ولا إجبار في دين الله، وهذا أصل في حكمة الوجود وخلافة الوجود وخلافة الإنسان في الأرض، فحركة الإنسان تدور في فلك عظيم لينظر الله كيف يعملون ويترتب على هذا العمل إما الثواب وإما العقاب وليس معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من كنت مولاه فعلي مولاه " أنه اكتفى بمخاطبة دائرة الاختيار عن الصحابة، لا فلقد روى في أحاديث صحيحة قوله: " فإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي " فهناك خاطب ملكة الاختيار وهنا ثبت الأمر في هذه الملكة.
وقال ابن أبي الحديد في حروب الإمام: كان لا يستعمل في حربه إلا ما