مخلوق إلى غير ذلك من قضايا منطقة الصفر.
وعلى امتداد الثورات والانقلابات كان الغالب الأعم يتجه إلى العلماء ولم يجرؤ عالم على نقد معالم الشذوذ لأن هناك قاعدة تربطه تقول: القاتل والمقتول في الجنة والمجتهد إن أخطأ له حسنة وإن أصاب فله عشرة، وإن العدالة ليست شرطا لقبول الحاكم المتغلب لأن الأصل: أطيعوا البر والفاجر. ولا شئ في ركوب قطار الإمام الفاسق لأن كل القطارات تصل إلى أهداف الله. وفي داخل منطقة الصفر غرس في نفوس العامة الكثير من الآراء والمقالات وصرف الناس عن الاجتماع حول كلمة واحدة ورأي واحد وعندما جاء القرن الرابع. تصدى للإفتاء فقهاء قادوا المسيرة نحو إغلاق باب الاجتهاد. نظرا لحالة الفوضى التي سادت القضاء والإفتاء في ذلك الحين. وعلى هذا نرى أنهم عالجوا الفوضى والاستغلال والفساد. بالجمود لا بالتنظيم القويم. فكان الدواء شرا من الداء.
ويقول الشيخ خلاف عن هذه الفترة: إن العلماء فشت فيهم أمراض خلقية.
جالت بينهم وبين السمو إلى مرتبة الاجتهاد. فقد ظهر بينهم التحاسد والأنانية.
فكانوا إذا طرق أحدهم باب الاجتهاد فتح على نفسه أبوابا من التشهير به وحط أقرانه من قدره، وإذا أفتى في واقعة برأيه. تصدوا إلى تسفيه؟ رأيه وتفنيد ما أفتى به بالحق وبالباطل (1).
وكان من آثار الجمود لدى بعض العلماء أنهم تعصبوا لأئمتهم وأنزلوا أقوال إمامهم مكانا فوق ما للقرآن والسنة من مقام... وانصرفوا عن الأساس التشريعي الأول وهو القرآن والسنة بحيث أصبحوا لا يرجعون إلى نص قرآني أو حديث إلا ليلتمسوا فيه ما يؤيد مذهبهم ولو بضرب من التعسف في الفهم والتأويل (2)، والواقع أن الجمود يتعارض مع طبائع الأشياء ومع سنة التطور الذي يعد بمثابة قانون يخضع له كل ما في الوجود حتى الصخور كما يقرر علماء