لم يجعل الله له نورا فما له من نور) (1).
إن النور في دائرة العباد لن يتحقق إلا بتقوى الله والإيمان برسوله. فهنا فقط يعمل نور السنة ويكشف للعباد طريقهم الذي يمشون فيه. وكما أن الأنبياء والرسل عليهم السلام يهدون الناس إلى نور الله. فكذلك الأئمة والأوصياء الذين عينهم الله عليه لسان رسله يهدون الناس إلى نور سنة الأنبياء. وهكذا كان لكل نور طريق يقود الناس إلى صراط العزيز الحميد.
والذي حدث في عهد الرسالة. أن الرسول اهتم بأهل بيته تربية وتثقيفا وتأهيلا وتفضيلا. ولم يكن هذا الاهتمام عاطفيا أو خاضعا لآصرة الدم أو العرق. وإنما كان تنفيذا لأمر إلهي أوحي به إليه. وما على الرسول إلا البلاغ المبين. وكان من المتوقع أن يعرف الرعيل الأول لتلك الصفوة قدرها. وأن يضع تلك الأوامر الإلهية الواردة بحقهم نصب عينيه. غير أنه من المؤسف أن يذهل عنها ويضرب بها عرض الجدار، وقد رأينا من التاريخ أن آل محمد صلى الله عليه وسلم قد لاقوا الكثير من البطش والاضطهاد وتجرعوا الكثير من المحن والويلات وفي خضم ذلك كله كانوا صابرين محتسبين مقدرين للدور الرسالي المنوط بهم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر بهذا كله وهو يخبر بالغيب عن ربه جل وعلا. وعلى إثر المذابح التي أقيمت لأهل البيت، رفعت رايات الأنظمة السياسية الفاسدة المستبدة التي تمثلت في الدولة الأموية وتحت هذه الرايات ظهرت الفرق والمذاهب والتشرذم والتحزب. كل حزب بما لديهم فرحون. وكان الحكام يقومون بتغذية تلك النعرة داخل الأمة وإذكاء نيرانها. وفي هذه الموجات ظهر الغلاة والمتصوفة وأصحاب الشطحات.
واجتاحت الأمة ثقافات غريبة دخيلة وفلسفات يونانية وهندية وفارسية قديمة.
وذلك بعد أن تم ترجمة العديد منها إلى اللغة العربية مما أدى إلى تهيئة المناخ لظهور الدهريين والجدليين والملحدين والمشككين. فصار هناك من يتكلمون في الذات الإلهية والأسماء والصفات والجوهر والعرض. وهل القرآن مخلوق أم غير