علي ملك آنفا ما دخل علي قط. فقال: إن ابني هذا مقتول. وقال: إن شئت أريتك تربة يقتل فيها. فتناول الملك بيده. فأراني تربة حمراء (1). وروى عبد بن حميد في مسنده بسند صحيح أن النبي كان يبكي ويقول: " يا ليت شعري من يقتلك بعدي "، وروى الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " نعي إلي الحسين وأتيت بتربته وأخبرت بقاتله، والذي نفسي بيده، لا يقتلوه بين ظهراني قوم لا يمنعونه، إلا خالف الله بين صدورهم وقلوبهم وسلط عليهم شرارهم وألبسهم شيعا (2). وروى ابن عساكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" حسين أتيت بتربته، ورأيت قاتله أما أنه لا يقتل بين ظهراني قوم فلا ينصرونه.
ألا عمهم الله بعقاب " (3).
مما سبق علمنا أن العصر الأول كان على علم بأحداث أبي عبد الله الحسين في خطوطها العريضة، وأنهم كانوا يعلمون أيضا بما سيترتب على قتل الحسين. فالطريق بعد القتل فيه عذاب من الله، وأمروا أن ينصروا الحسين. ومن الثابت والمحفوظ أن معاوية كان يسب أهل البيت على منابر دمشق وغيرها. ولم تقف الأكثرية ضد هذه الثقافة التي ليس فيها نصر للحسين. لم يعملوا بسياسة:
" لو أن الناس اعتزلوهم " (4)، ولم يأخذوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع " أيها الناس خذوا العطاء ما كان عطاء، فإذا تجاحفت قريش على الملك، وكان عن دين أحدكم فدعوه " (5) وقال: " خذوا العطاء ما دام عطاء، فإذا كان إنما هو رشا فاتركوه، ولا أراكم تفعلون، يحملكم على ذلك الفقر