معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ١٣٧
المناسبة قال لهم: أحمد الله على ما قضى من أمر، وقدر من فعل. وعلى ابتلائي بكم أيتها الفرقة التي إذا أمرت لم تطع، وإذا دعوت لم تجب. إن أهملتم (1) خضتم، وإن حوربتم خرتم (2)، وإن اجتمع أناس على إمام طعنتم، وإن اجئتم إلى شاقة نكصتم (3). لا أبا لغيركم، ما تنتظرون بنصركم، والجهاد على حقكم، الموت أو الذل لكم (4). فوالله لئن جاء يومي - وليأتيني - ليفرقن بيني وبينكم، وأنا لصحبتكم قال: وبكم غير كثير.
لله أنتم، أما دين يجمعكم، ولا حمية (5) تشحذكم، أوليس عجبا أن معاوية يدعو الجفاة الطغام فيتبعونه على غير معونة ولا عطاء (6). وأنا أدعوكم - وأنتم تريكة الإسلام وبقية الناس - إلى المعونة أو طائفة من العطاء (7)، فتتفرقون عني، وتختلفون علي. إنه لا يخرج إليكم من أمري رضا فترضون، ولا سخط فتجتمعون عليه (8). وإن أحب ما أنا لاق إلى الموت. قد دارستكم الكتاب (9)، وفاتحتكم الحجاج (10)، وعرفتكم ما أنكرتم (11)، وسوغتكم ما حججتم (12)، لو كان الأعمى يلحظ، أو النائم

(1) أهملتم / خليتم وتركم.
(2) خرتم / ضعفتم.
(3) نكصتم / أحجمتم.
(4) الموت أو الذل لكم / دعاء عليهم بأن يصيبهم أحد الأمرين.
(5) الحمية / الآنفة.
(6) معاوية لم يكن يعطي جنده على وجه المعونة والعطاء وإنما كان يعطي رؤوساء الناس ليستعبدهم بها، ويدعو أولئك السادة أتباعهم فيطيعونهم. فمنهم من يطيعونهم حمية.
ولم يكن يصل إلى هؤلاء الأتباع من أموال معاوية قليل أو كثير.
(7) أمير المؤمنين كان يقسم بين الرؤساء والأتباع على وجه العطاء والرزق.
(8) والمعنى: أنكم لا تقبلون مما أقول لكم شيئا. سواء كان مما يرضيكم أو مما يسخطكم. بل لا بد لكم من المخالفة والافتراق عنه.
(9) دراستكم الكتاب / أي درسته عليكم.
(10) وفاتحتكم الحجاج / أي حاكمتكم بالمحاجة والمجادلة.
(11) وعرفتكم ما أنكرتم / بصرنكم ما عمى عنكم.
(12) وسوغتكم ما حججتم / أوضحت لكم الأمور الدينية.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست