دولة الخلافة نفسها، وحتى لا يحتج أهل بيت النبوة وأولياؤهم بالنصوص الشرعية والأحاديث النبوية، أصدرت دولة الخلافة قرارا أو مرسوما يمنع منعا باتا كتابة ورواية الأحاديث النبوية بأي أمر من الأمور، وكان هذا أول مرسوم أعلنه الخليفة الأول بعد استلامه للسلطة، والأعظم أن دولة الخلافة قامت بحرق المكتوب من أحاديث الرسول، وبررت دولة الخلافة مرسومها هذا بالقول: (بأن كتاب الله يكفي ولا حاجة لحديث رسول الله، لأنه يورث الخلاف والاختلاف على حد تعبير الخليفة الأول فقد خاطب المسلمين قائلا: (فمن سألكم عن شئ فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله. وبقيت قرارات مؤسسي دولة الخلافة سارية المفعول طوال مائة عام، لأنه لم يجرؤ أحد أن يعيب أو ينقض سنة الخلفاء الثلاثة الأول المؤسسين للخلافة التاريخية لأن تلك الخلافة راشدة، وبالتالي لم يتمكن أحد من رواية وكتابة الأحاديث النبوية التي اشتملت عليها نظرية المهدي المنتظر، لأن هذا المهدي من أهل بيت النبوة، ولأن النبي قد أكد بأنه ختم أئمة أهل البيت، فإذا انتشرت الأحاديث النبوية التي تصدع بإمامته فيقول المسلمون ما بال الذين سبقوه من أئمة أهل البيت لم يتولوا الخلافة!! وفي ذلك إحراج للخلفاء، ونسف لثقافتهم، لذلك غيبت كافة الأحاديث النبوية التي تحدثت عن المهدي المنتظر طوال المائة عام التي منعت فيها دولة الخلافة كتابة ورواية الأحاديث النبوية، ولم يكن بوسع أحد من المسلمين أن يتحدث خلال تلك المدة عن المهدي المنتظر أو عن أهل بيت النبوة، أو يروي عنهم أي حديث نبوي إلا سرا، خوفا من بطش دولة الخلافة، وتجنبا لإسخاط الخلفاء، وحرصا على العطاء، أو الحصول على حصة مناسبة من النفوذ بتلك الدولة. أما أئمة أهل بيت النبوة، ورثة علمي النبوة والكتاب، فقد كانوا يتحدثون بالسر للصفوة القليلة من أوليائهم حتى لا يجعلوا لدولة الخلافة عليهم سبيلا لأن هدف دولة الخلافة آنذاك كان منصبا على إيجاد السبل للقضاء التام على أهل بيت النبوة حتى لا يكشفوا حقيقة ما جرى فيما بعد، وحتى لا يكتشف الناس طبيعة دولة الخلافة. والأسس التي قامت عليها، وهكذا نجح الخلفاء بتغييب وإخفاء المعالم الأساسية لنظرية المهدي المنتظر طوال مائة عام. ويمكنك أن تقف على محنة الحديث النبوي وأساليب زعامة بطون قريش.
(٢٦٢)