تميزا عن غيرهم، وحتى تنجح بطون قريش بدعاويها استولت على السلطة، أو الخلافة بالقوة والقهر وكثرة الأتباع، وسلمت حكم الولايات والأعمال وقيادات الجيش والمناصب العليا في الدولة لأبناء البطون، وشانئي أهل بيت النبوة والكارهين لولايتهم، وحتى لا يحتج أهل بيت النبوة بالأحاديث النبوية التي ذكرت فضائلهم وأكدت على حقهم الشرعي بقيادة الأمة ومكانتهم التأسيسية المميزة في الأمة، فإن قيادة بطون قريش التي صارت دولة منعت منعا باتا كتابة ورواية أحاديث رسول الله، ورفع مؤسسوها وخلفاؤها شعار: (حسبنا كتاب الله)، بمعنى أن القرآن يغني عن حديث النبي، وعللت ذلك بقولها: (أن أحاديث النبي تسبب الخلاف والاختلاف بين المسلمين. وبقي منع رواية وكتابة الأحاديث النبوية ساريا قرابة مائة عام). ولما آلت الأمور إلى معاوية جند كافة طاقات دولة الخلافة وإمكانياتها وقاد بنفسه حملة كبرى يمكن أن نسميها: (حملة الفضائل) كلف أركان دولته بأن يرووا كافة الفضائل التي ذكرها رسول الله عن الخلفاء الثلاثة الأول، وخاصة الثالث وكافة الفضائل الواردة بحق أي رجل من الصحابة لم يوال آل بيت النبوة، ولم يفعل معاوية ذلك حبا بالخلفاء، ولا بالصحابة ولكن إرغاما لأنوف آل بيت النبوة، وحتى تضيع فضائل أه ل بيت النبوة ويميع الأحكام الشرعية، ويطمس أي دليل على أحقية أهل بيت النبوة بقيادة الأمة، بدليل مرسومه الملكي الموجه لعماله والذي جاء بفقرة منه: فلا تدعو لأبي تراب (يقصد الإمام علي) أو لأحد من أهل بيته (يقصد آل محمد وعترته أهل بيته) فضيلة يرويها أحد من المسلمين إلا وتأتوني بما يناقضها في الصحابة!! (راجع شرح النهج ج 3 ص 595 تحقيق حسن تميم نقلا عن المدائني). ولم يكتف معاوية بذلك بل فرض على كل رعيته أن يسبوا عليا بن أبي طالب بالعشي والإبكار وأن يلعنوه، ومن لا يفعل ذلك فقد حل دمه، ولم يكتف ابن هند بذلك بل اعتبر أن موالاة أهل بيت النبوة ومحبتهم من جرائم الخيانة العظمى، وعقوبتها القتل وهدم الدار، وقطع العطاء عن الذرية والتجريد من الحقوق المدنية، فلا تقبل شهادة من يحب عليا، أو أحدا من أهل بيت النبوة، ولما نفذت مراسيم معاوية بحذافيرها، وتمخضت عن مئات الألوف من الفضائل المروية والمختلقة، كما يقول ابن نفطويه، ولما
(١٧٨)