الكتابة - ككتابه - بأي موضوع من الموضوعات، كان الرسول ينهى عن بعض مضامين ما يكتب، ولكنه لم ينه عن الكتابة كوسيلة تعليمية أو توثيقية، بل على العكس فقد أمر الرسول الإمام عليا بكتابة سنته أولا بأول، فكان الرسول يملي والإمام علي يكتب بخط يده، وكتب رسول الله القرآن الكريم، فقد كان له كتاب وحي يكتبون له على الفور ما يوحى إليه من كتاب الله، وكانت عنده صحف مرقمة ومميزة، فتأتيه الآية أو الآيات، مع التوجيه الإلهي بأي سورة من سور القرآن يضعها، ثم إن الرسول كان يأمر المسلمين بالكتابة وطلب العلم ونشره، ثم إن الرسول الأعظم، لم يأمر بحرق نسخ التوراة المعربة التي جاء بها عمر بن الخطاب، ولا هو أمر بحرق أو تمزيق قصة يوسف التي تلتها زوجته أمامه، إنما نهى عن المضامين حتى لا تؤدي إلى زعزعة عقيدة المسلم، أو بلبلة أفكاره، أو انحرافه.
فما هي مصلحة الرسول، وما هي مصلحة الإسلام والمسلمين في أن يقوم الرسول بإحراق المكتوب من سنته كما زعموا (1) ولماذا يمنع الرسول كتابة وتدوين سنته الطاهرة وهي دين الإسلام العملي في الوقت الذي يبيح فيه الرسول كتابة وتدوين كل شئ!!!! اليهود والنصارى كانوا من رعايا دولة الرسول، فهل منعهم الرسول من كتابة التوراة والإنجيل وأخبار الأنبياء السابقين؟! وهل منعهم من رواية ما يعتقدون؟ وهل منع الرسول رعايا دولته من أن يكتبوا الشعر، أو القصص، أو أخبار الأولين، أو العلوم، أو الآداب أو الأنساب أو التاريخ؟!! لقد كانت الكتابة من الأمور المألوفة في كل مجتمع، ومن أبرز المظاهر الحضارية التي تسالمت على منطقيتها وضرورتها المجتمعات البشرية، فلا علم لي أن دولة من الدول، أو زعيما من زعماء الجنس البشري عبر التاريخ قد حرم الكتابة أو اعتبرها جريمة من الجرائم!!
فلماذا يختار رسول الله سنته من دون علوم الأرض ومعلوماتها،