وأن أهل بيت النبوة هم جهة التوجيه أو القيادة أو المرجعية للأمة الإسلامية، لأنهم عاشوا مع النبي طوال حياته المباركة في بيت واحد وتحت سقف واحد، وانتهى إليهم علم البيان النبوي، وأسرار علوم النبوة وهي من لوازم فهم القرآن الكريم، ولأنهم خيرة الخيرة بعد نبيهم، فإذا حسمت مسألة القانون، وحسمت مسألة القيادة أو المرجعية، فلم يعد هنالك أي سبب للخلاف أو الاختلاف. في مجتمع يتمسك بفكرة الشرعية والمشروعية، وحسم هاتين المسألتين يقطع دابر الخلاف والاختلاف في أي مجتمع من المجتمعات.
وبالفعل وعمليا فإنه ليس بإمكان أحد المسلمين في أي زمان من الأزمان أن يدعي بأنه أقرب للنبي من أهل بيته، ولا أولى به منهم، ولا أعلم بالدين منهم، لأن علوم الدين تلقاها هذا المدعي أو ذاك من النبي، فأهل البيت سمعوا من النبي ما سمع هذا المدعي أو ذاك، وزادوا عنه بأنهم سمعوا زيادة على ما سمع لأنهم عاشوا وإياه في بيت واحد بعكس هذا المدعي أو ذاك، ثم إن المكانة الدينية والاجتماعية التي احتلها أهل بيت النبوة دونها بالضرورة أية مكانة أخرى لأي مسلم قط.
هذا كله يجعل تلخيص النبي للموقف محكما من جميع الوجوه العقلية والشرعية، ولا يمكن نقض هذا التلخيص لا عن طريق العقل، ولا عن طريق الشرع دون أن يوقع الناقض نفسه بمطبات تكشف حقيقته، وبطلان دعواه، ودون أن يستعين الناقض بوسائل أخرى تفرض بالقوة وجهة نظره، أو بالكثرة، الآن وبعد مضي أربعة عشر قرنا على هذا التلخيص تبين لنا أن سبب الخلاف والاختلاف يكمن في التنازع على القيادة والمرجعية، والمتنازعون يؤولون القرآن تأويلات تخدم توجهاتهم في غياب الفهم اليقيني للنص.