فقال النبي إنهن خير منكم)، كانت هذه الجملة من أواخر الكلمات التي تلفظ بها رسول الله قبل أن تصعد روحه الطاهرة إلى بارئها.
وهذه الرواية الصحيحة والمتواترة عند القوم، والتي أجمع أهل بيت النبوة وأجمعت الأمة على وقوع أحداثها بالفعل، تثبت بأن الرسول الأعظم كان يأمر بكتابة وتدوين سنته، وأن الكتابة والتدوين هما الطريق الطبيعي وتكشف هذه الرواية أيضا بأن زعامات الأكثرية - التي حاربت الرسول حتى اضطرها للاستسلام فأسلمت - كانت ضد فكرة تدوين وكتابة سنة الرسول، وضد رواية أحاديث الرسول، لأن هذه الزعامات قد أدركت خطورة سنة الرسول على مشاريعها المتعلقة بالاستيلاء على ملك النبوة بعد وفاة النبي حيث لن تتمكن تلك الزعامات من تنفيذ مقاصدها وأهدافها إلا بغياب السنة، أو تغييبها، أو التشكيك بعدم شرعيتها، أو سحب الصفة الإلزامية منها، وهذا هو السر الكامن وراء نهيهم السري عن كتابة ورواية أحاديث الرسول أثناء حياة الرسول، وهذا هو السر الذي دفعهم للاستماتة للحيلولة بين الرسول وبين ما أراد كتابته أثناء مرضه، لأنهم قد أيقنوا بأن الرسول إن كتب ما أراد سيفشل كافة مخططاتهم، أو سيفضحها على الأقل.
ومع أن الأكثرية كانت تقف وراء تلك الزعامات، إلا أنها لم تجرؤ على إعلان نواياها الحقيقية، بل كانت ترفع شعارات إسلامية لتبرر مقاصدها غير الإسلامية فمثلا عندما حالوا بين الرسول وبين كتابة ما أراد وقالوا له أن تهجر وكسروا خاطره الشريف وهو على فراش الموت برروا هذا العمل الإجرامي المقيت بقولهم: (حسبنا كتاب الله) أي أن القرآن يغني عن الرسول وعن سنته!!! وعندما جمعوا المكتوب من سنة الرسول، ومنعوا كتابة ورواية سنة الرسول، لم يقولوا بأنهم ضد سنة الرسول إنما رفعوا شعار (حسبنا كتاب الله، وشعار لا كتاب مع كتاب الله!!! لقد صمموا أن يحققوا تحت خيمة الإسلام ما عجزوا عن تحقيقه في ميادين المقاومة والقتال أثناء.