ثم توجوا هذه الاختلاقات بقولهم: " إن الإمام عليا خطب الناس فقال: اعزم على كل من كان عنده كتاب إلا رجع فمحاه، فإنما أهلك حيث يتبعوا أحاديث علمائهم وتركوا كتاب ربهم " (1).
مثل هذه الأحاديث صحيحة من حيث الشكل، ولنفترض أن أبا هريرة هو الذي رواها كلها، فادعى بأنه قد سمعها من رسول الله بالفعل، شكلا الحديث مقبول ومعقول، لأن أبا هريرة قد عاصر الرسول وصحبه سنتين أو ثلاث، ولأن هذا الحديث يتفق مع سياسة الخلفاء وسنتهم القائمة على طمس سنة الرسول فمن الطبيعي أن يتبناه الخلفاء، وأن تتبناه الدولة لأنه يتفق مع توجهاتها فإذا تبنته الدولة يصبح جزءا من وثائقها الرسمية، ولا يجوز الطعن بالوثائق الرسمية إلا عن طريق التزوير!! والدولة لا تكتفي بذلك، إنما تدخل مث هذا الحديث في مناهجها التعليقة، وتفرض على الناس تصديقه!!! ولم يكن بإمكان أحد أن يطعن بصحة حديث تتبناه الدولة، فمثل هذه الأحاديث محصنة بقوة الدولة ونفوذها ضد الطعن، وعندما أباحت دولة الخلافة في ما بعد رواية وكتابة أحاديث الرسول وانطلق العلماء لجمعها وجدوا هذه الأحاديث التي تبنتها دولة الخلافة على شكل وثائق رسمية فنقلوها كما هي دون أن يتأكدوا من صحة مضامينها، بعد سقوط دولة الخلافة بقيت هذه الأحاديث محصنة أيضا ضد الطعن، ولكن ليس بقوة دولة الخلافة إنما بقوة " نظرية عدالة كل الصحابة "!! فإذا صح أن أبا هريرة قد قال سمعت رسول الله، أو سمعت عليا يقول كذا وكذا فإن أبا هريرة صادق 100 / لأنه صحابي والصحابي " من العدول " أو معصوم ومن المستحيل أن يكذب!! وهكذا وجدت الأحاديث التي تخدم توجهات الدولة، أو تؤيد سنة الخلفاء حماية مطلقة، وإحصانا دائما ضد الطعن!!
واختلفت الأحاديث الصحيحة مع الأحاديث المكذوبة على رسول الله