من عنده، إذ لم تأت نبوة قط بإرادة بشر، بل الروح القدس حمل بعض الناس على أن يتكلموا من قبل الله " (1 / 20 - 21).
وفيها أيضا أول ذكر لمجموعة تضم رسائل لبولس (3 / 15 - 26). وينظر إليها كما ينظر إلى جزء لا يتجزأ من الكتب المقدسة، وإن لم تشمل حتما جميع مؤلفات بولس.
وهناك آخر الأمر أن الرسالة تطرح على بساط البحث بوضوح مسألة تأخر مجئ المسيح. " أين موعد مجيئه؟ مات آباؤنا ولا يزال كل شئ منذ بدء الخليقة على حاله " (3 / 4). ندد الكاتب تنديدا شديدا بقلة الإيمان هذه، وحاول استنباط جواب عنها، فقال إن الطوفان الذي حدث هو مثال مسبق للدينونة الأخيرة وقد وصفها الكاتب وفقا لأفكار عصره (3 / 6). فإن العالم القديم سيخرب بالنار لتحل محله " سماوات جديدة وأرض جديدة يقيم فيها البر " (3 / 10 - 15). وقبل كل شئ، ليس من معنى للوقت عند الرب " فيوم واحد عند الرب بمقدار ألف سنة وألف سنة بمقدار يوم واحد " (3 / 8). وما يزعم من تأخر مجيئه لا يعود إلا إلى صبره الناجم عن محبته، فإنه يريد أن يدع لكل امرئ سبيلا للتوبة. ولذلك يجب على جميع الناس أن يحيوا منذ اليوم في القداسة. فإن الكاتب بهذا التعليم الذي يتناول الحياة الأخرى يذكر بجانب هام من الحياة المسيحية.
[الخصوم والمرسل إليهم] ندد الكاتب " بالكفار " الذين تسللوا إلى الكنيسة (2 / 1). من تراهم؟ اهتدوا إلى الإيمان المسيحي، ثم أنكروه، ويخشى الآن أن يفسدوا الجماعة بوعدهم إياها حرية مزيفة (2 / 16). إن بدعتهم هي في الوقت نفسه لاهوتية (فإن هؤلاء المعلمين الكذابين ينكرون الرب الذي افتداهم ويزدرون الملائكة (2 / 10 - 11)، وخلقية (فإنهم يسيرون سيرة فاسقة وهم منهومون بالخطيئة (2 / 14).
هناك من حاول أن يعرف من هم هؤلاء الناس، فذكر أهل " العرفان " الذين ادعوا لأنفسهم معرفة فائقة وحرية مطلقة وأعلنوا ازدراءهم للجسد، وساروا مع ذلك سيرة خليعة. وذلك ما قد يبين المظهر الخلقي " اللاهوتي " لضلالهم، وإلحاح الكاتب في موضوع " المعرفة المسيحية "، وبها نقض العلم المزيف الذي عند أهل البدع (1 / 2 و 3 و 5 و 8 و 12 و 16 و 2 / 20 - 21 و 3 / 17 - 18). أما ازدراؤهم لأصحاب المجد، فمن العسير فهم التلميح على نحو واضح. أتراهم، في رأي الكاتب، يرتكبون خطيئة تسمية الملائكة، فقد ورد في الديانة اليهودية، ولا سيما عند الأسينيين، مثل هذا النهي، والداعي إليه مراعاة حرمة الملائكة، والخوف من استعمال أسمائهم لغايات السحر. أم تراه ينكر كل وجود لهم أو كل تفوق، فتجاوز في هذا الموضوع فكر بولس، وكان يكتفي بإظهار ضعة الملائكة بالنسبة إلى المسيح (1 ف 1 / 21 وقول 2 / 15)؟ من العسير توضيح ذلك، لأن الكاتب يستعمل، في سلسلة طويلة من التعبيرات الواردة في الفصل الثاني، عبارات مبتذلة، ويرسم، كما قيل، صورة نموذجية للكافر.
إن الذين بعثت إليهم الرسالة ألفوا الكتاب المقدس وأدب الرؤى في التقليد اليهودي. وقد لمح