الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٧٢٣
[مكانة الرسالة] ما كان يقرب هؤلاء المسيحيين أكثر من أي شئ آخر هو الخلق الذي كانوا يرعونه. ومن هنا الشأن العظيم الذي يولى في الرسالة المسائل الخلقية والمزج الشديد للدواعي اليهودية واليونانية، الأمر الذي يجعل لإرشاد يعقوب صلة قرابة بالارشاد اليهودي المهلن، ولكن الخلقية التي يعلمها الكاتب لا تقتصر على تكرير أقوال مبتذلة يقبلها جميع الناس، بل هي تتجلى بمظاهر طريقة تساعد على الإحاطة بالرسالة. هناك، قبل كل شئ، شرح ثلاثة موضوعات ورد في الفصل 2 / 1 إلى 3 / 13 وتناول كيف يجب القيام بالعبادة وما يتبعه من إجلاس الحضور في أماكنهم (2 / 1 - 13) ونظام الخدمة (3 / 1 - 13) والنتائج العملية التي تجب مراعاتها بين الإخوة في العبادة (2 / 14 - 26).
وهذه الفقرات الثلاث تشن حملة لا تخلو من الشدة على العادات السيئة التي ربما دخلت بعض الكنائس التي أنشأها بولس، وهي التي قطعت صلاتها باليهود على وجه أتم. والطرافة الأخرى في خلقية يعقوب هي قساوة تنديده بالأغنياء (1 / 9 - 11 و 2 / 5 - 7 و 4 / 13 - 17 و 5 / 1 - 6)، وهي أدق وأشد من أن تكون مجرد كلام منمق. وفي هذه الفقرات خبران أو ثلاثة تدعو إلى الاعتقاد بأن عبارات الذم هذه يتناول بعضها، على أقل تقدير، أناسا من وجهاء اليهود (2 / 6 - 7 و 5 / 6).
يبدو أن كاتب رسالة يعقوب يشن حربا على جبهتين: الجبهة الواحدة هي الكنائس المتمسكة بذكرى بولس تمسكا مفرطا، والجبهة الأخرى هي اليهود الأغنياء. وهو يرجو بعمله هنا أن يجمع بين سائر المسيحيين وبين اليهود الوضعاء، وهم في رأيه يؤلفون معا " المشتتين من الأسباط الاثني عشر ".
كان هذا المشروع معقولا في السنوات 60 - 65. ولكنه يجب على الأرجح جعل تاريخه بعد السنة 80، قبل انضمام مجامع الشتات إلى المذهب الفريسي في اليهودية. كان ذلك المشروع يستهدف جميع الشتات الناطق باليونانية، ولكن قد يكون مع ذلك أن الرسالة أنشئت في مدينة من فلسطين ناطقة باليونانية، مثل قيصرية أو طبرية.
قد يعسر على قارئ من القرن العشرين، تعود تمييز اليهودية من المسيحية بوضوح، أن يتفهم ذلك التفكير الذي جعل تلك المحاولة لتقريب إحداهما من الأخرى. ومع ذلك، فلا شك أن في رسالة يعقوب تعليما مفيدا لنا.
[أقسام الرسالة] من العبث البحث في الرسالة عن تصميم دقيق غير الذي توحيه التغييرات في الإنشاء، الظاهرة في 2 / 1 و 3 / 13. في الجزء الذي يتوسط الرسالة، في ما بين هاتين المسألتين، ثلاثة شروح بينها تماسك حسن، ويجمع بينها الموضوع المشترك لما تندد به، وهو العبادة التي تقام في بعض الكنائس العائدة إلى التقليد الموروث عن بولس، واستعمال أساليب للخطابة وردت كثيرا في فن " التقريع "، من أسئلة ونداءات إلى القراء ومناقشة مخاطب وهمي الخ.. ولكن ليس الفصل الأول إلا سلسلة طويلة من الحكم الوجيزة الخالية من ترتيب ظاهر، ما عدا أن كثيرا ما يصل عكس في آخر جملة بأول الجملة اللاحقة، مثل " الثبات " في الآيتين 3 و 4 و " نقص " في الآيتين 4 - 5 و " محنة "
(٧٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 717 718 719 721 722 723 724 725 726 727 728 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة