الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٧٢٢
المقدس. ومع أنه لم يؤخذ برأيه، فإن ما لقيت رسالة يعقوب من صعوبة لتقبل في الكتاب المقدس على مر العصور هو ذو مغزى، فإن هذا المؤلف قائم في خارج التيارات اللاهوتية الكبيرة للمسيحية في القرن الأول.
وهناك مشكلة أيضا في أن التقليد نسب الرسالة إلى يعقوب أخي الرب يسوع، حتى ولو تخلي عن الرأي القائل بأن هذا الشخص هو يعقوب بن حلفى، وعضو من جماعة الاثني عشر (راجع مر 3 / 18 وما يوازيه)، فإنه ذو شأن عظيم في كنيسة أورشليم (غل 1 / 19 و 2 / 9 و 12 ورسل 12 / 17 و 15 / 13 - 21 و 21 / 18 - 25). وهو يبدو فلسطينيا محضا غريبا عن الثقافة اليونانية (راجع أوسابيوس، تاريخ الكنيسة. أيعقل أنه كتب مؤلفا يونانيا بمثل هذا الوضوح؟ فإذا أخذنا بهذه النسبة بالحرف الواحد، فإنها لا تبدو محتملة. ومع ذلك، فإنها أقدم وأعم من أن تنحى من غير سبب آخر. إنها تضطر القراء إلى التنبه أنه ليس كل شئ في رسالة يعقوب يونانيا على نحو تام، فإن لغتها وقواعد النحو فيها تحتوي بعض التراكيب السامية التي لا يمكن أن تنسب كلها إلى تأثير الترجمة اليونانية السبعينية. إن وضع حكم وجيزة جنبا إلى جنب، لا يصل بعضها ببعضها الآخر سوى كلمات بسيطة على طريقة العكس كما الأمر هو في الفصل الأول وفي الفصلين الرابع والخامس، لا يوافق إلا قليلا جدا قواعد الأدب الهليني. وهناك شئ من القرابة بين رسالة يعقوب وسفر ابن سيراخ، وتوحي تلك القرابة بقيام صلات بينها وبين الأسفار اليهودية للحكمة. وإن ما جعل من شأن للموضوعات الأخيرية ولا سيما لموضوع الدينونة (2 / 12 - 13 و 4 / 12 و 5 / 9 - 12) يذكر بالدين اليهودي في فلسطين وبتعليم يسوع. فليس من غير المعقول إذا أن يتخيل المرء أن يعقوب أخا الرب يسوع قد خلف طابعه في الرسالة. وهناك من يقبل الرأي القائل أنه كلف أمين سر لغته اليونانية إنشاء الرسالة باسمه وفقا لتوجيهاته. ويرى آخرون رأيا احتماله أرجح، وهو أنه كان هناك تقليد فيه أقوال يعقوب، أشبه، إذا روعي ما تجب مراعاته، بالتقليد الذي يضم الأناجيل الثلاثة الأولى، وأن كاتبا استعمله فأراد أن يجعل مؤلفه في ظل شخص مشهور جريا على العادات الأدبية في ذلك الزمان، فيعود تاريخ كتابة الرسالة إلى إحدى السنوات 80 - 90.
اكتشف المفسرون المعاصرون مشكلة عسيرة أخرى تتناول رسالة يعقوب. فقد وجهت " إلى المشتتين من الأسباط الاثني عشر "، أي إلى اليهود، إذا فهمت هذه العبارة بالحرف الواحد، وهي لا تذكر اسم يسوع المسيح إلا مرتين (1 / 1 و 2 / 1) وعلى نحو عابر جدا، حتى أن بعض النقاد رأوا في ذلك الأمر إضافتين ألحقتا بعدئذ لتجعل من مؤلف يهودي محض مؤلفا مسيحيا. وعندما ينحى هذا الافتراض المتصف بالمجازفة والذي يجعله النقاش في مسألة عرضت بعد ما علم بولس، ووردت في 2 / 14 - 16، افتراضا لا سبيل إلى الدفاع عنه، يبقى السؤال الحقيقي، وهو: إلى من وجه كاتب مسيحي مؤلفا ليس للمسيح فيه إلا شأن قليل جدا؟ لا شك أنه وجهه إلى مسيحيين يونانيين بثقافاتهم حافظوا على علاقات بالمجامع التي كانوا قد انتموا إليها من قبل، ومن الراجح جدا أنه وجهه أيضا إلى يهود مهلنين، لربما كان لهم نزعة الأسينيين. وكان يرجو أن يستميلهم بإبراز ما كان مشتركا بينهم وبين المسيحيين من غيرة على شريعة الأخلاق، ومثال أعلى هو الفقر، وحماستهم في انتظار الأزمنة الأخيرة، والإيمان بالإله الأحد الذي كشف عن وجوده في العهد القديم.
(٧٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 716 717 718 719 721 722 723 724 725 726 727 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة