الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٦٨٩
والقول " الذين في إيطالية " لا يفيدنا شيئا، لأننا لا نستطيع أن نعلم أين كان هؤلاء لما كتبت البطاقة.
وليست معرفة الذين كتبت إليهم الرسالة لبعض المؤمنين من إيطالية كافية للكشف عن هويتهم.
ويمكن تقدير التاريخ الذي فيه كتبت الرسالة على وجوه مختلفة. تنبه بعض المفسرين إلى بضع عبارات صيغتها قديمة، فقال إن الرسالة كتبت في وقت مبكر جدا، قبل رسائل بولس الكبرى، في حين أن غيره أخر كتابتها إلى آخر القرن الأول، لا بل إلى ما بعده. ولكن استشهاد اقليمنضس الروماني بالرسالة إلى العبرانيين في نحو السنة 95 ينفي أنها كتبت في تاريخ متأخر كثيرا. ثم إن وجوه الشبه بين مسيحانية الرسالة ومسيحانية رسائل بولس في السجن تشير إلى تاريخ قريب من استشهاد بولس. وقد يكون ذلك التاريخ في السنوات التي تقدمت خراب أورشليم في السنة 70، فإن الكاتب يذكر عبادة الهيكل ذكره لحقيقة لا تزال قائمة (10 / 1 - 3).
[بنية الرسالة] إن النقص في معرفتنا للظروف التي كتبت فيها الرسالة إلى العبرانيين ليس ذا شأن عظيم، لأن الفن الأدبي لهذا المؤلف يجعله مستقلا إلى حد كبير عن الأحداث الخاصة. فما يهم أكثر من ذلك هو أن نتبين أهم أجزاء التأليف.
كانت الرسالة تقسم قسمين: الواحد عقائدي (1 / 1 - 10 / 18) والآخر خلقي (10 / 19 - 13 / 25). هذا التقسيم لا يوافق مقصد الكاتب الذي يجعل كلا من الشرح العقائدي والارشاد يتناوبان منذ بدء الرسالة (راجع 2 / 1 - 4 و 3 / 7 - 4 / 16 و 5 / 11 - 6 / 12) لاهتمامه بالتوحيد الوثيق بين الإيمان والحياة المسيحية.
هناك من قسم الرسالة ثلاثة أقسام: (1) كلمة الله (1 / 1 - 4 / 13)، (2) وكهنوت المسيح (4 / 14 - 10 / 18)، (3) والحياة المسيحية (10 / 19 - 13 / 25). في هذا التقسيم من الملاحظات الصحيحة ما يؤيده بعض التأييد. ولكنه لا يتناول على نحو سليم مجمل المعاني التي وردت في الرسالة.
إن بحثا أكثر دقة يكشف عن فن في التأليف حسن الأحكام، فيه طرائق تعود إلى التقاليد الأدبية في الكتاب المقدس (كالتصدير والعكس والتراكيب المتوازية)، وبوسع القارئ أن يرى في ما بين مطلع الرسالة والخاتمة بنية فيها خمسة أقسام أعلنها الكاتب الواحدة تلو الأخرى (راجع 1 / 4 2 / 7 و 5 / 10 و 10 / 36 - 39 و 12 / 12 - 13).
1) عكف الكاتب، في أول قسم (1 / 5 - 2 / 18)، على تعريف " اسم " المسيح، أي إنه حدد مكان المسيح من الله (1 / 5 - 14) ومن الناس (2 / 5 - 18). وقد استعمل لذلك تشبيها بمكان الملائكة. أدى هذا الشرح إلى إعلان كهنوت المسيح (2 / 17).
2) أظهر الكاتب في ثاني قسم (3 / 1 - 5 - 10) إن في المسيح تحققت الميزتان الجوهريتان لكل كهنوت، فللمسيح مكانة عند الآب (3 / 1 - 6)، وهو متضامن والناس (4 / 15 - 5 / 10)، ومقامه أشبه بكل من مقام موسى (13 / 2) ومقام هارون (5 / 4). أدرج الكاتب بين هذين التشبيهين حثا طويلا على الأمانة المسيحية (3 / 7 - 4 / 14).
(٦٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 684 685 686 687 688 689 690 691 692 693 694 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة