بمظهر ديني شعبي ولم تجد الدولة الرومانية آنذاك إلا الديانة المسيحية التي وقف عديد من ملوكها ضدها أحقابا غير قليلة من الزمن، وشاء الله أن تتبدل الأحوال فدخل حكام الرومان في المسيحية سياسيا فهدأت عهود الاضطهاد بل انتهت، وكان عهد قسطنطين عهد خير على المسيحين أنفسهم.
وبذلك خطت التعاليم المسيحية خطوة جديدة، وهي أنها دخلت معركة فكرية مع ثقافة الدولة الرومانية الوثنية من جانب والفلسفية من جانب آخر، وحول هذا يقول فندلند: (إن الفلسفة استخدمت نظريات علوم اليونان لتهذيب الآراء الدينية، وترتيبها ولتقدم إلى الشعور الديني اللجوج فكرة في العالم تقنعه، فأوجدت نظما دينية من قبيل ما وراء الطبيعة والمادة تتفق مع الأديان المتضادة اتفاقا يختلف قلة وكثرة).
ومعناه أن الأديان في الدولة الرومانية قبل أن تصير مسيحية كانت ثلاثة:
1 - الديانة الرسمية للدولة، وهي الوثنية.
2 - الديانة اليهودية العنصرية الخاصة باليهود، ولا تتدخل الدولة في شؤونها 3 - الديانة التي جاء بها عيسى ووقفت الدولة منها موقف العداء، وناهضها اليهود ثم أخذت بها الدولة مؤخرا.
وفي ظلال الاضطهاد حدثت عمليتان متباينتان:
أولاهما: دخول نفر من المسيحيين إلى الديانة الرسمية الوثنية، ولكنهم ظلوا بعقولهم وقلوبهم وعواطفهم مع الديانة المسيحية.
ثانيتهما: دخول نفر من الوثنيين - وخاصة بعد انتهاء عصر الاضطهاد - إلى المسيحية، ولكنهم ظلوا بعقل وقلب وعاطفة وثنية.
يضاف إلى هذا: أن الأحوال المعيشية والاجتماعية في بلاد الرومان لم تساعد