والدين الذي جاء به عيسى عليه السلام تصوره سورة الشورى في قوله تعالى: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا، والذي أوحينا إليك، وما وصينا به إبراهيم، وموسى وعيسى، أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه، كبر على المشركين ما تدعوهم إليه، الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب، وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم، ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم، وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب - الشورى 13 - 14).
وإذا كان الدين أوصى الله به أنبياءه واحدا فإن غايتهم كذلك واحدة، يقول الله تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون - الأنبياء 25)، (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) (واسأل من أرسلنا قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون - الزخرف 44)، فالأنبياء جميعا متفقون في الهدف والغاية، ألا وهو دعوة الناس الذين أرسلوا إليهم ليفردوا الله وحده بالعبادة والطاعة والتقوى.
ولهذا فإن القرآن يحدد مهمة رسالة المسيح عليه السلام بأنها تكملة لما جاء به موسى والأنبياء من قبله، يقول الله تعالى: (وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة، وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونورا، ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين - المائدة 46).
فرسالة عيسى عليه السلام استمرار للرسالة الموسوية التي جاء بها سيدنا موسى إلى بني إسرائيل، ولهذا فإن القرآن يصف كتاب الله إلى سيدنا موسى بأنه إمام، لأنه أساس للتعامل في الديانات التي خصها الله لشعب بني إسرائيل، يقول الله تعالى: (ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة، وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين - الأحقاف 12).