تحقيق الأحكام الشرعية العارفين بموارد الشريعة ومصادرها، والمعول عليهم بين الملة في معرفة أحكامها، بحيث لا تشتبه عليهم مواردهما، ولا تلتبس عليهم مصادرهما.
وأما النزاع الذي تراه فإنما أوجبه خبط الاشتباه بين ما سماهم الإتقان بعوام المفسرين، وذكر الخازن عن العلماء أنهم قرنوهم بالمؤرخين المولعين بكل غريب كما تقدم.
وماذا على الحقائق إذا تشعب فيها أوهام غير المحققين، وهل من حقيقة لم نتشعب فيها الأوهام ولم تكثر في سبيل عرفانها معاثر الجهل، وسيمر عليك شئ من ذلك إن شاء الله في أوائل المقدمة الثالثة عشرة.
ثم نقول في السؤال الثاني: إن النصارى قد جاءهم نسخ الشريعة عن " بولس " جملة واحدة بعنوان الملاشاة للشريعة جملة واحدة، وبعد هذه الاستراحة التامة من الشريعة وأحكامها ومعرفتها، فلا حاجة إلى إمعان النظر في كلمات المسيح والرسل للاطلاع على ما فيها من موارد النسخ الجزئي، ولا داعي لهم إلى مرور الأفكار عليهم ليثور منها غبار الأوهام، ومع ذلك أفلا تنظر إلى النزاع العظيم والمثابرة التي قامت بين البروتستنت والكاثوليك حتى جرت إلى سفك الدماء وشديد الاضطهاد وشنايع الأفعال والأقوال، فإن المنشأ في ذلك مكافحة الأوهام من أجل مكافحة رسالة " يعقوب " المشددة في حفظ الأعمال وعدم كفاية الإيمان، مع رسالة " بولس " إلى العبرانيين المصرة على التعليم بترك حفظ الناموس وبكفاية الاتكال على الإيمان وسر الفداء.
حتى قال " لوطر " مصلح البروتستنت على ما نقله المتكلف " يه 3 ج ص 109 " إن معلمي الخطيئة يعني " الكاثوليك " يضايقوننا بموسى فلا نريد أن نسمع موسى ولا نراه لأنه أعطى لليهود ولم يعط لنا نحن الأمم والمسيحيون فعندنا إنجيلنا فهم يريدون أن يهددونا بواسطة موسى وهيهات.
وقال أيضا " ميلانختون " قد نسخت الوصايا العشر، فقال المتكلف في الاعتذار عن كلام " لوطر " وجرئته على " موسى " إن سببه هو أن الكاثوليك