من إبليس أربعين يوما إلى أن ذهب به إبليس إلى جبل عال وأراه جميع ممالك المسكونة في لحظة وأطمعه بأن يعطيها له على أن يسجد الإله المتجسد لإبليس، ثم جاء به إبليس من البرية إلى " أورشليم " وأوقفه على جناح الهيكل ممتحنا له، ثم بقي بعد ذلك ثلاث سنين يقاسي الاضطهاد من الناس حتى إذا دنا وقت الصليب حزن وبكى وتضرع إلى أقنوم الأب في أن تعبر عنه كأس المنية، ولكن الأب لم يشأ ذلك، وإذ آلمه الاضطهاد قال للأب إلهي إلهي لماذا تركتني؟ وإذ دنا منه الموت صرخ بصوت عظيم وقال يا أبتاه في يديك استودع روحي، وأسلم الروح ودفنوه، وفي اليوم الثاني أقامه الله من الأموات وارتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله، هذا كله جرى على الكلمة المتجسدة والإله الذي توشح الطبيعة البشرية ليرفع قدرها.
اسمع هذا ولا تقل كيف وكيف فإن هذا بزعم المتكلف مما يهتز له العقل السليم طربا، ويتطعم به الذوق السليم استلذاذا، غفرانك اللهم سبحانك وتعاليت، وليس هذا مقام التعرض لما في ذلك فدعه إلى مجيئ محله إن شاء الله وإن كان ما فيه لا يخفى على من عرف جلال الله وأقر له بالقدرة والوحدانية.
وأما قول المتكلف: بأن القرآن ناطق بأن المسيح كلمة الله وروح منه، فاستمع لموقف ذلك من سياق القرآن الكريم، وانظر إلى أنه هل يسعف المتكلف بشئ من الموافقة، أم أنه يجبهه بالمقاومة ويجاهر بإبطال مزاعمه ودحض أضاليله.
قال الله جل اسمه في سورة النساء 169 (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا 170، لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله). ومعنى كون المسيح كلمة الله هو كونه أثرا لقوله تعالى " كن " على خلاف العادة في تناسل البشر، ولا تحسب أن معنى ذلك يوافق ما في كتب إلهام المتكلف فإن فيها ما نصه: وكان الكلمة الله " يو 1: 1 " والمتكلف يقول: " يه 2 ج ص 38 س 4 "