" كنت قد حضرت قبل عدة سنين ومعي المرحوم الشيخ محمد رضا المظفر والأستاذ الأديب الكبير الشيخ محمد علي اليعقوبي، والشيخ محمد كاظم الشيخ صادق الكتبي صاحب المكتبة والمطبعة الحيدرية في النجف الأشرف حفلة عظيمة في الهند، وعرضت فيها أكداس من الكتب وكان كتاب (الهدى) من جملة تلك الكتب، وشاهدت أحد موظفي السلك الدبلوماسي من لبنان يتجول بين الكتب، فلفت نظره كتاب (الهدى) فأخذه وقبله ووضعه على رأسه متبركا به، وقد سألناه عن علة ذلك؟ فقال: " كنت أحد طلاب المدارس الفرنسية في لبنان، وقد لاحظت وسمعت من أساتذة تلك المدارس هجوما متواصلا على انتقاد الدين الإسلامي وتسخيفه والحط من شأنه مجاهرة أمام الطلاب، وأنه بطريق المصادفة اشترى كتاب " الهدى إلى دين المصطفى " فقرأه وأدمن في قراءته، فكان لهذا الكتاب أثره البالغ في بقائه على إسلامه وتقوية عقيدته، والمنافحة عنها أمام المشعوذين والدجالين من مناوئي الإسلام ومنتقديه جهلا وظلما وبالزور والبهتان ".
وهذا المجد العلمي الباذخ والفضل الشامخ لا يدعيه صاحبه الإمام البلاغي فتراه يتواضع تواضع الحكماء الزهاد بعدم ذكر اسمه وعنوانه على كتابه هذا وغيره من مؤلفاته الخالدة، وإنما يكتفي بتسطير هذه الإشارة "... لأقل خدمة الشريعة المقدسة... النجفي "، ثم يرجو كل من له اعتراض أو سؤال يتعلق بالكتاب أو غيره من كتبه في أمر الدين وحقيقة الإسلام أن يتحفه بالمكاتبة ليقدم له الجواب مقرونا بالشكر والاحترام، وختم رجاءه بتوقيعه " الأقل كاتب الهدى ". وكان شعاره " رضي الله عنه " خدمة الحق وحده والدفاع عنه دون أي اعتبار، ويتجلى شعاره المثالي هذا في كلمته الذهبية الحكيمة التي تفيض بالصدق والإخلاص: " إن همي الوحيد هو خدمة الحق والدفاع عنه لوجه الله تعالى سواء كان الدفاع على يدي أو على يد سواي "، وهذا هو شعار المصلحين المؤمنين بالمثل العليا والذي رفعه إلى منازل الكرامة ومصاف الخالدين، أجل هذا الشعار قد زهده في أن يضع اسمه ويرسم عنوانه على مؤلفاته الجليلة الضخمة الآنفة الذكر.
هذا هو كتاب " الهدى " العظيم وصاحبه الفضيل البجيل، وسيقف