هي أن يكفر عن خطايا كل من يؤمن به لأن الجميع أخطأوا واحتاجوا إلى من يكفر عن خطاياهم لأننا إذا نظرنا إلى العالم رأينا أنه لم يسلم أحد من اقتراف الخطيئة وعقاب الخطيئة هو الموت في جهنم إلى الأبد لأن المولى سبحانه وتعالى طاهر قدوس وعدله يستلزم عقاب الخطيئة بهذه الكيفية، فالمسيح احتمل في جسده ما كنا نستوجبه من العقاب، ووفى ما كان علينا من الدين رحمة منه لأن الله هكذا أحب العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن بل تكون له الحياة الأبدية، فطريقة الخلاص موافقة للعدل الإلهي ولكمالات الله.
أقول: أو تدري من يريد بالمتجسد المصلوب في كلامه هذا هو من تكرر في مزاعمه في كتابه بأنه الإله الذي تقمص الطبيعة البشرية ليرفع قدرها فإن أردت الإيضاح قال لك هو أقنوم الابن، فإن قلت: وما أقنوم الابن قال لك إن الله لواحد والأقانيم ثلاثة الأب والابن والروح القدس والثلاثة هم واحد فالله واحد ثلاثة فإن قلت: كيف يكون الواحد ثلاثة ومن الباذل ومن المبذول إذا كان الثلاثة واحد ومن المصلوب ومن المتجسد قال لك اسكت ولا تكثر في سؤالك فإن هذه الأمور لا يدركها العقل، وليست من وظيفته بل تؤاخذ من تعليم القسوس المؤيدين بروح القدس بلا تعقل لها، فقد قال بولس الرسول:
لأنه إذا كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة استحسن الله أن يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة، لأن جهالة الله أحكم من الناس وضعف الله أقوى من الناس " 1 كو: 21 و 25 ".
فإن قلت له: إذا كان عقاب الخطيئة هو الموت في جهنم إلى الأبد لأن المولى سبحانه وتعالى طاهر قدوس وعدله يستلزم عقاب الخطيئة بهذه الكيفية والمسيح احتمل في جسده ما كنا نستوجبه من العقاب، ووفى ما كان علينا من الدين رحمة منه، أفكان الوفاء أو المحتمل عنا من نحو العقاب الذي استوجبناه والدين الذين كان علينا وهو الموت في جهنم إلى الأبد، وننسب هذا إلى المسيح الفادي أم هو من غير هذا النحو، فإن كان من غير هذا النحو سألنا كيف وأنت تقول: إن عدل الله الطاهر القدوس يستلزم العقاب بهذه الكيفية.
وأيضا أفلا يكون هذا الوفاء من المخادعة الجزافية.