بالتاريخ وبعلم توقيع البلدان وادعى بغفلته " يه 2 ج ص 55 " أنه لم يكن في عصر موسى شئ يقال سامرة ولا سامرى.
فأقول: والذي دعى المتكلف إلى هذا التهور والإقدام ما في السادس عشر من الملوك الأول في التراجم العربية الجديدة في ذكر عمري ملك إسرائيل الذي ملك بعد سليمان بن داود بخمسين سنة تقريبا " 24 "، واشترى جبل السامرة من شامر بوزنتين من الفضة وبنى على الجبل ودعى المدينة التي بناها باسم شامر السامرة، فأضاف المتكلف إلى ذلك بوهمه مقدمتين إحداهما أنه لم يقع في خلق الله في جميع الأمكنة والأزمنة منشأ للتسمية بالسامري حتى بنى عمري مدينته المذكورة، " وثانيهما " أن القرآن تبع في تسميته صانع العجل بالسامري لما ذكرناه عن الملوك الأول، وأن دعوى هاتين المقدمتين لتحتاج إلى الإلهام ولعل المتكلف يدعيه ولم يختص بهذا بل سبقه إليه المتعرب " ذ ص 50 " فادعى أنه لا يمكن أن يكون في بني إسرائيل على عهد موسى سامري وأن هذا النعت لم ينعت به إلا بعد جلاء بابل.
إذا سمعت هذا فاعلم أنه كل ما جاء في العهد القديم من اسم السامرة المذكورة فإنما لفظه في الأصل العبراني " شمرون "، وعلى ذلك جرت النسخة الفارسية المطبوعة في ادن برغ سنة 1845 و 1846 حتى في العهد الجديد الذي ترجمه هنري مارتن، وعليه أيضا جرت النسخة العربية المطبوعة سنة 1811 م في العهد القديم منها. والترجمة العبرانية للعهد الجديد وجرت على نهج الأصل العبراني للعهد القديم فسمت السامري " شمروني "، والسامرية " شمرونيت " والسامريين " شمرونيم "، " انظر أقلا مت 10: 5 ويو 4: 4 و 9 و 8:
48 ".
ولا بد أن يتضح لك من ذلك أن سامرة وسامر تعريب شمرون في اللغة العبرانية، وسامري تعريب شمروني، وسامريين تعريب شمرونيم.
وحينئذ فاعلم أنه لا ينحصر وجه التسمية بالسامري بالنسبة إلى ما بناه عمري بعد زمان سليمان، بل إن من المدن التي افتتحها يوشع بن نون ووقعت في سهم سبط زبولون مدينة شمرون، وكان لها ملك فلا بد أن تكون موجودة