يجيب إليه.
والثاني: أن يكون ذلك من باب قوله: (ما أنا حملتكم، ولكن الله حملكم) أي أنا وإن استغيث بي، فالمستغاث به في الحقيقة هو الله تعالى، وكثيرا ما تجئ السنة بنحو هذا من بيان حقيقة الأمر، ويجئ القرآن بإضافة الفعل إلى مكتسبه، كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لن يدخل أحدا منكم الجنة عمله) مع قوله تعالى: * (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) *.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: (لأن يهدي الله بك رجلا واحدا...).
فسلك الأدب في نسبة الهداية إلى الله تعالى، وقد قال تعالى: * (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا) * فنسب الهداية إليهم، وذلك على سبيل الكسب، ومن هذا قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: * (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) *.
وأما قوله تعالى: (إنك لا تهدي من أحببت) فالأحسن أن يكون المراد به التسلية، والحمل عن قلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عدم إسلام عمه أبي طالب!!! فكأنه قد قيل: (أنت وفيت بما عليك، وليس عليك خلق هدايته، لأن ذلك ليس إليك، فلا تذهب نفسك عليه).
وبالجملة: إطلاق لفظ (الاستغاثة) بالنسبة لمن يحصل منه غوث - إما خلقا وإيجادا، وإما تسببا وكسبا - أمر معلوم لا شك فيه لغة وشرعا، ولا فرق بينه وبين السؤال، فتعين تأويل الحديث المذكور.
وقد قيل: إن في البخاري في حديث الشفاعة يوم القيامة (1): فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم، ثم بموسى، ثم بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو حجة في إطلاق لفظ (الاستغاثة).
ولكن ذلك لا يحتاج إليه، لأن معنى (الاستغاثة) و (السؤال) واحد سواء عبر