روينا في (سنن أبي داود السجستاني) (1) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام) (2).
(١) سنن أبي داود السجستاني (٢ / ٢١٨) ح ٢٠٤١ كتاب المناسك، باب زيارة القبور.
(٢) قال ابن حجر في تلخيص الحبير (٧ / ٤١٨) في أحاديث الزيارة: وأصح ما ورد في ذلك ما رواه أحمد وأبو داود من طريق أبي صخر حميد بن زياد عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبي هريرة مرفوعا (ما من أحد يسلم...) الحديث وبهذا الحديث صدر البيهقي الباب.
وقال في الصارم المنكي (ص ١٨٩): روى الإمام أحمد حديث أبي هريرة هذا في مسنده (٢ / ٥٢٧) [وانظر تحفة الأشراف (10 / 421) مع النكت الظراف لابن حجر].
وقال ابن عبد الهادي: إعلم أن هذا الحديث هو الذي اعتمد عليه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما من الأئمة في مسألة الزيارة، وهو أجود ما استدل به في هذا الباب، ومع هذا فلا يسلم من مقال في إسناده: من جهة تفرد ابن صخر عن ابن قسيط عن أبي هريرة، ولم يتابع ابن قسيط.
أقول: وتعنت ابن عبد الهادي هنا واضح، إذ يظهر أن الحديث بحاجة إلى متابعة حتى يسلم عن مقالة فيه! وهو خطأ فادح لم ينطق به متعلم في الحديث فضلا عن عالم به.
ثم نقل كلمات أهل الجرح في رواة الخبر، وقال: إنه لا ينتهى به إلى درجة الصحيح) بالرغم من اعترافه بأنهم من رجال صحيح مسلم، لكنه اعترض (إنه لم يرو عنهم عن أبي هريرة) ثم قال (ص 197) فعلم أن الحديث لا ينبغي أن يقال: هو على شرط مسلم، وإنما هو حديث إسناده مقارب، وهو صالح أن يكون متابعا لغيره وعاضدا له.
ثم ذكر (ص 197) النزاع في دلالة الحديث: من جهة احتمال لفظه فإن قوله (ما من أحد يسلم علي) يحتمل أن يكون المراد به عند قبره كما فهمه جماعة من الأئمة، ويحتمل أن يكون معناه على العموم، وأنه لا فرق في ذلك بين القريب والبعيد، وهذا هو ظاهر الحديث، وهو الموافق للأحاديث المشهورة....
أقول: أولا: إن فهم الأئمة وهم أفقه الناس بالحديث هو الحجة، وموجب لصرف الظاهر - إن ثبت - كما فعل أبو داود حيث ترجم للباب بزيارة القبور وأورد الحديث المذكور فيه في (السنن).
وثانيا: العموم يشمل القريب أيضا فيكون دليلا على مشروعية قصد السلام عليه بالسفر للزيارة، وهو كاف في دحض مقالة السلفية، والأحاديث المشهورة كلها عاضدة لهذا الحكم ودليل على صحة قصد المسلم حضرته الشريفة، فلماذا تخالفون سنته بالمنع عن ذلك؟
وكتب السيد